السياحة تغازل الأقصر!
ربما ثمة نور في نهاية النفق المظلم، ففى الوقت الذي تُعد فيه الأقصر درة المدن الأثرية على مستوى العالم باحتوائها على ثلث آثار العالم فإن انحسار الحركة السياحية قد طالها في السنوات الأخيرة، ومنذ انطلاق شرارة ثورات الربيع العربى بما كان له أثر سلبى على آلاف الأسر التي تُعد السياحة مصدر دخلهم، أغلقت الكثير من الفنادق والبازارات أبوابها وغير الكثير من أبنائها نشاطهم وأعمالهم بعيدًا عن السياحة.
جهود متواصلة وطموحات مشروعة لاستعادة حركة السياحة إلى أرض الحضارة والتاريخ إلى الأقصر، تلك البقعة العزيزة من أرض الوطن التي يختلط فيها عبق التاريخ بعراقة المصري القديم شاهدة على عظمة مصر وأصالتها جولة واحدة في جنباتها المتسعة ما بين معبد الأقصر ومعبد الكرنك، كفيلة بأن تشعرك بأن مصر الفرعونية ستظل شامخة رائدة، كما كانت مهما مرت بها من كبوات ومهما أرهقتها المحن.
ومن ضمن المبادرات الإيجابية التي تصب في صالح السياحة في الأقصر موافقة الدول المشاركة في اجتماعات المجلس التنفيذى لمنظمة السياحة العالمية الذي عقد مؤخرا في إسبانيا بالإجماع على استضافة الأقصر لفعاليات الجلسة 104 للمجلس التنفيذى للمنظمة في الربع الأخير من العام الجارى، وهو القرار الذي يُعد بمثابة تنصيب دولي لمدينة الأقصر كعاصمة للسياحة العالمية، كما تستضيف مدينة الأقصر أيضا خلال الفترة من 1-3 نوفمبر المقبل القمة الخامسة لسياحة المدن.
نعى تماما دقة الظروف الراهنة، وما خلفته السنوات الخمس الأخيرة من انحسار لحركة السياحة خاصة في الأقصر وأسوان وما انتاب القطاع السياحي من خسائر.
وكلنا يقين في الله أن السياحة ستدخل طور التعافى ليس فقط بجهود وزارة السياحة، ولكن بتكاتف جهودنا جميعا، فالسياحة لا تستطيع البتة كنشاط اقتصادي له ثقله أن تغرد منفردة دون أن تعمل في منظومة تكاملية مع الأنشطة الأخرى من سياسة واقتصاد ونظام اجتماعي، وتتعاظم أهمية تكامل السياحة مع الأنشطة الأخرى إذا أيقنا أن السياحة بحق قاطرة التنمية وتستطيع أن تحدث فارقًا حقيقيًا في اقتصادياتنا.
نعم الحكومة ووزارة السياحة لا تدخر جهدا في سبيل استعادة حركة السياحة الوافدة، وأن برنامج دعم الطيران العارض مستمر للأقصر وأسوان، وأن الحملات الدعائية المشتركة مع منظمى الرحلات الأجانب مستمرة في محاولات مكثفة لاستعادة الحركة السياحية، وأن وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة تتواجد في المعارض الدولية بكثافة للترويج للمنتجات السياحية المصرية، وعلى رأسها السياحة الثقافية.
إن مبادرات تنشيط السياحة الداخلية وخاصة إلى الأقصر وأسوان تستهدف إحداث حراك سياحي في تلك المدينة العريقة، وتنمية روح الولاء والانتماء لدى شباب الجامعات والمدارس وللشباب عمومًا، وذلك من خلال التعرف على الحضارة المصرية العريقة، وعمل رواج اقتصادى تجارى بالمقاصد السياحية، وخاصة بمدينتى الأقصر وأسوان والفنادق العائمة، واعتبار تنشيط السياحة الداخلية من الأهمية بالتوازى مع حركة السياحة الوافدة، باعتبارها ذات بعد قومى وتوعوى واقتصادى.
وهنا أوكد أنه لا مفر من مزيد من الاهتمام بقطاع الطيران، لدعم السياحة الوافدة إلى الأقصر، من خلال المزيد من خطوط الطيران خاصة من السوق الإنجليزى، فى ظل وجود طلب قائم، كما لابد من الاهتمام بالسوق الفرنسى والإيطالى واليابانى والإسبانى باعتبارها من الأسواق المهمة لمنتج السياحة الثقافية.
وفى النهاية أوكد أن الأقصر تنال المزيد من الاهتمام والتنسيق التكاملى بين وزارة السياحة ومحافظة الأقصر من أجل النهوض بصناعة السياحة واستعادة الحركة السياحية.