رئيس التحرير
عصام كامل

سلطة القانون.. والإعلام المنفلت!


سلطة القانون إذا تراجعت فلا بديل غير دولة الفوضى وشريعة الغاب، من ثم فلا مخرج من أزماتنا إلا بتطبيق القانون بحسم وإظهار العين الحمراء لكل من تسول له نفسه خرقه أو إثارة الفوضى أو تعريض البلاد لخطر الانقسام المفضي إلى التناحر والاحتراب اللذين أديا إلى ضياع دول عديدة من حولنا، خرجت منها أجراس إنذار تدوي في آذاننا بضرورة اليقظة والحفاظ على بلدنا من مصير مشابه.. وظني أن الدولة قادرة على إقرار هيبتها والضرب بيد من حديد على أيدي المتجاوزين، ومن تسول له نفسه هز استقرارها أو معاونة أعدائها هدمًا وتخريبًا.


كفى ما عاناه الشعب ولا يزال من الفوضى والانفلات اللذين أعقبا ثورة يناير في ظل غياب دور فعال لأحزاب حقيقية، أو إعلام محترف ملتزم بأولويات الوطن، وأولها بث رسائل إيجابية للناس ليس بتجميل وجه الحكومة، وإخفاء سلبياتها بل بالمصارحة والموضوعية والشفافية وربط المواطنين بدولتهم، وابتعاث روحهم الوطنية لدعم خططها ومشروعاتها واقتصادها القومي..

والسؤال: هل يمكن للإعلام القومي والخاص النهوض بشيء من ذلك وهما على حالتهما الراهنة أم أنهما بحاجة لتغيير جذري يبدأ من حل إشكالية الملكية والإدارة ورفع الكفاءة والمهنية ومنع تدخل رأس المال أو سيطرة الحكومة.

الصحف القومية وتليفزيون الدولة في حاجة لإصلاح عاجل وتطوير وتدريب وإعادة هيكلة لاستعادة دورهما المحوري كرمانة ميزان في تشكيل الرأي العام، والحفاظ على الأمن القومي.. وهو ما تدركه أجهزة الدولة جيدًا، وتعلم حجم الترهل والديون وتراجع التأثير لهذا المرفق الحيوي الذي تركته حكومات متعاقبة قصدًا وإهمالًا.. وليت أزمة النقابة مع الداخلية تكون بداية لإعادة النظر في هذا الملف برمته لتأهيل الإعلام ليقوم بوظيفته المأمولة في ممارسة النقد البناء وليس الدفاع عن سياسة الحكومة أو التغطية على قصورها حتى يستعيد الطرفان ـ الحكومة والإعلام ـ ثقة الشارع.

أما الإعلام الخاص المهتم بتصيد الأخطاء ونشر السوداوية، وطمس إنجازات الحكومة وتشويش الوعي وتنفيذ أجندات خاصة.. فعليه هو الآخر إصلاح ذاته، وتقويم أدائه والتحلي بالموضوعية، وإعلاء المصالح العليا للبلاد والالتزام بسياسة إعلامية واضحة غايتها الوطن ليس أهداف الممولين والمعلنين حتى تعود للمهنة مصداقيتها واعتبارها؛ فوعي الوطن يتشكل بالإعلام بعد التعليم والتنشئة الأسرية.. أما ما نراه الآن فهو كما يقول عالم النفس د. أحمد عكاشة إعلام منفلت، وكل إعلامي فاكر نفسه عظيمًا خصوصًا بتوع التليفزيون الذي قال لأحدهم "أنتم منفوخين وكل واحد فيكم فاكر نفسه زعيم سياسي".. نريدها رسالة تنوير لا حرب تشويش وصراعات مصالح.
الجريدة الرسمية