أيها الفرقاء.. تعالوا إلى كلمة سواء!
"تبقيك الصحافة مزروعًا في الأرض" هكذا قال الأديب الأمريكي الأشهر ري برادبيري، وهنا أتذكر جيدًا حال كنا صغارًا عندما كان يحيد الحكم عن توقيع الجزاء المناسب في مبارة الكرة كانت تتعالى أصواتنا "الصحافة فين"؟ فالجميع يعلم منذ الصغر قيمة الصحافة والإعلام كسلطة للرقابة الشعبية تعكس آمال الشعب وتطلعاته وهمومه، وإن كانت هناك تجاوزات من بعض الإعلاميين والصحفيين تسيء إلى المهنة، فإن السواد الأعظم من الصحفيين هم نموذج حقيقي للكفاح والشرف والمعاناة.
تذوقوا الصعاب لسنوات حتى يتم تعيينهم في الصحف ويصلوا لأبواب النقابة، جميعهم يشعر بالفخر بانتمائه لذلك الصرح العظيم الكائن بعبد الخالق ثروت المسمى بنقابة الصحفيين، الجميع يعتبره رمزًا للحرية والكرامة وقلعة للحريات ومنبرًا للرأي، يعز على الجميع أن يقلل أحد من شأن صرحهم الأبيّ، تلك النقابة التي شهدت سلالمها وقفات ووقفات، اعتبرها غير الصحفيين أيضًا ملاذًا لهم، فهي كانت وستظل صوت من لا صوت له.
إن أتون الصراع الذي دارت رحاه بين "النقابة" والداخلية" يتطلب تغليب المصلحة العامة للوطن في تلك الظروف الدقيقة، وأن يتنازل كل طرف عن شيء من كبريائه دون إفراط أو تفريط حتى تلتئم الجراح، ونفوت الفرصة على المتربصين بأمن الوطن.
ولعلي أشير إلى أن الحلول الأمنية لا تستطيع أن تغرد منفردة دون الحلول السياسية، في التعامل مع الأزمات، هكذا يقول علم إدارة الأزمات، وقد أثبت الواقع أن الحلول الأمنية قد تعمّق الأزمة وتزيد من حدتها في بعض الأحيان.
نعم في يوم من الأيام سيجف القلم ونتوارى في الثرى، في يوم من الأيام سنصبح ذكرى ونكون مجرد اسم في قوائم هواتف أهالينا وأصدقائنا ومريدينا.
إن حرية الإعلام لا بد أن تكون حرية مسئولة، فليست الغوغائية حرية وليس بث الأكاذيب حرية، وإذا اعتقدنا أن ترك الموضوع بلا ضوابط فإننا نتكئ على عصا هشة في ظل ضمير مستتر عند البعض.
نعم حرية الصحافة تقتضي حظر الحبس في قضايا النشر ولكن أرى أن ترك صناعة المعلومات لصحفي تارة يتجمل، وتارى يكذب، وتارة يستقي معلوماته من مصادر مغرضة، يمثل انتكاسة لمصداقية الوسيلة الإعلامية، سمعنا كثيرًا عن ميثاق الشرف الصحفي واللجنة الاستشارية للتشريعات الصحفية والإعلامية التابعة لمجلس الوزراء، واللجنة الوطنية لصياغة تشريعات الصحافة والإعلام وحتى الآن لم يخرج تشريع على أرض الواقع.
إن السرعة اللا محدودة في تدفق المعلومات والأخبار عبر الصحف الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، تُعد تحديًا حقيقيًا في كيفية مواجهة الحروب الإلكترونية وصناعة الغوغاء وتعبئة الرأىي العام بأخبار مدسوسة.
نحن في حاجة لتشريعات جادة لضبط المنظومة الإعلامية وميثاق شرف يُطبق على الجميع، نحن بحاجة حقيقية إلى إعلام جاد يكون مرآة صادقة لواقع نعيشه يبث آمالنا وطموحاتنا، يبرز تحدياتنا ومشاكلنا بهدف الإصلاح لا التشهير، وللحديث بقية إن كان في العمر بقية.
وفي النهاية أوكد أن مصلحة مصر الأم والوطن، هي المبتغى، ونحن أبناء وطن واحد ونسيج واحد، لا نريد تقسيمًا فئويًا أو مذهبيًا، نريدها قوية كما تطلعنا إليها وحلمنا بها.