المرجفون في المدينة
في كل يوم أطالع الأخبار والصحف والمجلات بكل أنواعها، باحثًا عن كل خبر إيجابي يملأ القلب والعقل ببشائر الخير وروح التفاؤل ونور الإشراق والأمل.. وكم تكون سعادتي عند مطالعة خبر يزف إلينا بشرى إنجاز حقيقي أو نجاح مذهل يحدث على أرض مصرنا الحبيبة.
وكم أشعر بالحزن عند مطالعة أخبارًا كئيبة، يطلقها فئة ضالة سماهم الله تعالى في كتابه العزيز "المرجفون في المدينة"، فئة من المنافقين والانتهازيين والمتآمرين، تبرز بكل وسيلة شرور بعض البشر وتبث أخبار السرقات والاختلاسات والظلم والقهر والتعذيب والقتل، ويتجاهلون بأخبارهم الكئيبة أي نجاح أو إنجاز أو بشائر خير في الطريق للناس.
تلك الفئة لهي أشد خطورة من أعدائنا في الخارج، فهم أعداء الداخل المتغلغلين في نسيج الشعب، يتحدثون نفس اللغة ويلبسون نفس اللباس ويطعمون نفس الطعام.. هؤلاء وهبوا أنفسهم وسخروا طاقاتهم لهدم الوطن، أخذوا على عاتقهم نشر كل شائعة تهدف لضرب الاستقرار وتخريب الاقتصاد وتضخيم المشكلات وتصدير اليأس للمصريين، شغلهم الشاغل تأجيج المشاعر سخطًا وخوفًا على المستقبل ونزع فتيل أزمات مصطنعة قد تساعدهم في تحقيق مآربهم للنيل من وحدتنا الوطنية، ينتهجون سياسة: (العيار اللي ميصبش يدوش).
يتجاهلون عمدًا، أخبارًا كثيرة عن مسارعجلة التنمية والنهضة الحقيقية التي تحدث على أرض مصر في الوقت الراهن، في مجالات: البنية التحتية والإنشاءات المعمارية والطرق والكباري واستصلاح الأراضي وتنمية سيناء من خلال ربطها بالدولة المصرية بشبكة طرق وأنفاق على أعلى مستوى، واستصلاح أراضيها من خلال نقل وتوصيل مياه النيل إليها، وإنشاء محطات إنتاج للطاقة تستوعب كل الصناعات الثقيلة والخفيفة بل توفر فائضًا يمكن الاستفادة منه في التصدير وإضافة موارد جديدة للدولة، وإيقاف نزيف تصدير المواد الخام بأبخس الأسعار.
نصارع الوقت ونحارب الزمن، وتقوم الدولة بمؤسساتها بزيارات وسفريات مكوكية وعقد لقاءات واستقبال ملوك ورؤساء ووفود، من أجل التواصل والانفتاح على كل دول العالم، للاستفادة من التجارب ونقل الخبرات والاستثمارات الواعدة في شتى المجالات، وفي النهاية وبعد كل ما فات، يحدثك هؤلاء المرجفون ويسألونك بغباء الجهالة ومرارة الحقد: أين تلك الإنجازات والمشروعات التي تتحدث عنها؟
خطوات عملية لطالما كنا نحلم بها وننادي عليها في عصر سابق عاشت فيه مصر في ثلاجة الجمود تحت شعار الاستقرار والنمو الاقتصادي المزيف، الذي كانت تذهب عوائده في حسابات المقربين وأصحاب المصالح وكبار القوم من قبيلة زواج المال بالسلطة، دون تنمية حقيقية تستوعب زيادتنا السكانية وترتقي بمستوى المواطن البسيط صاحب الأحلام البسيطة في أن يحيا حياة آدمية.
نشهد اليوم نهضة واقعية وخطوات بناء دولة حقيقية على أسس قوية حديثة، عملية بناء زادها الجهد والعرق، ليست مجرد شعارات أو مخططات في الأدراج أو كلاما وحبرا على ورق، بل أعمال وإنجازات، سيعود عائدها على كل الفئات من أبناء هذا الوطن، وسينعم باستقرارها وأمنها الجميع، أمنًا قد افتقدناه في لحظة من اللحظات التي لا نتمنى عودتها، فكنا نسعى إليه ونتمناه خوفًا من أن يتبدل حالنا إلى مثل أحوال جيراننا من الدول، التي تمزقت وحدتها وانعدم استقرارها وأمنها بفضل هؤلاء المرجفين، وصارت تاريخًا وحكاية تحكى للأولاد والأحفاد تبدأ افتتاحيتها: بكان يا ما كان في سالف العصر والآوان دولة اسمها (العراق أو اليمن أو ليبيا أو سوريا... والله أعلم مين هيكون كمان؟)..
حفظك الله يا مصر من كل سوء.