رئيس التحرير
عصام كامل

نص كلمة على عبدالعال أمام البرلمان الأفريقي

الدكتور على عبدالعال،
الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب

ألقي الدكتور على عبد العال، رئيس مجلس النواب، كلمة مصر في افتتاح أعمال الدورة البرلمانية الجديدة للبرلمان الأفريقي بجنوب أفريقيا.

وجاءت كلمة "عبد العال" عبارة عن "رسالة تضامن" مع البرلمان الأفريقي، أكد فيها الانتماء المصري لأفريقيا، والدور الكبير الذي قامت به مصر تجاه دول القارة، سواء في مرحلة التحرر من الاستعمار، أو في مرحلة التنمية.


وأشار في كلمته إلى التوجه المصري الملحوظ خلال الفترة الأخيرة تجاه بناء شراكات إستراتيجية مستديمة مع دولة القارة السمراء، سواء على المستوى الحكومي أو البرلماني، مشيرًا في هذا الصدد إلى استحداث لجنة نوعية متخصصة للشئون الأفريقية بمجلس النواب المصري.

وتطرقت الكلمة إلى أهم التحديات التي تواجهها الدول الأفريقية، وفي مقدمتها تحدي التطرف والإرهاب، إضافة إلى التحدي المرتبط بالتنمية الاقتصادية، وعبَّر عن ثقته الكاملة في الدور الذي يمكن أن يضطلع به البرلمان الأفريقي في مواجهة هذه التحديات، بما يتسق مع "أجندة 2015- 2063" التي تمثل خارطة المستقبل للخمسين عامًا المقبلة للدول الأفريقية لكي تصبح قوة اقتصادية فاعلة على الساحة الدولية.

وجاء نص الكلمة كالتالي:

الصديق العزيز نكودو دانج رئيس البرلمان الأفريقي..
السيدات والسادة أعضاء البرلمان..
أتشرف بأن أقف بينكم اليوم متحدثًا باسم مجلس النواب المصري بعد تشكيله الجديد في أول حضور أمام مؤسستنا الطموحة التي قطعت خطوات متقدمة في النهوض بالعمل الأفريقي التكاملي".

أنه لمن دواعي سروري أن ألتقي للمرة الثانية بالصديق العزيز نكودو دانج رئيس البرلمان بعد أن كان لقاءنا الأول في القاهرة في فبراير الماضي 2016 أثناء زيارته لمصر التي التقى خلالها بالرئيس عبد الفتاح السيسي الذي حملَّني رسالة تقدير ومحبة وإعزاز لكم جميعًا".

يسرني أن أنقل إليكم تحيات أعضاء مجلس النواب المصري الذين يكنون كل تقدير وإعزاز للأشقاء في جميع دول قارتنا السمراء.

مصر تعتز دائمًا بانتمائها الأفريقي، وتحرص على تعزيز أواصر التعاون بينها وبين الأشقاء الأفارقة، فبعد أن خاضت معهم معركة التحرر من الاستعمار التي كانت لهم فيها خير سند ومعين، شاركت بدور مهم في عملية التنمية الاقتصادية، سواء من خلال إنشاء "الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا"، أو من خلال إطلاق "الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية"، التي أعلنها الرئيس عبد الفتاح السيسي أمام قمة الاتحاد الأفريقي الثالثة والعشرين في مالابو (يونيو 2014)، بهدف تقديم الدعم الفني والمساعدات الإنسانية للدول الأفريقية، والمساهمة في تمويل مشروعات التنمية التي تحتاجها هذه الدول.

لا تقتصر جهود مصر في هذا الصدد على المجالات التنموية فحسب، بل إنها تحمل قضايا القارة وهمومها على كتفيها في كافة المحافل الدولية، ولعل عضويتها الحالية في مجلس الأمن خير دليل على ذلك، إذ تضع السياسة الخارجية المصرية الدفاع عن قضايا القارة والحفاظ على السلم والأمن فيها، وتسوية النزاعات الأهلية بها، على رأس القضايا التي توليها اهتمامها، وهي القضايا ذاتها التي تحملها مصر على عاتقها عند ممارسة مهام عضويتها في مجلس السلم والأمن الأفريقي.

على الصعيد البرلماني، انعكس حرص مصر على تعزيز علاقاتها مع أشقائها الأفارقة عبر استحداث لجنة نوعية متخصصة للشئون الأفريقية بمجلس النواب المصري، تعبيرًا عن الأهمية الخاصة التي يوليها مجلس النواب لقضايا القارة واهتماماتها، وتأكيدًا على حرص المجلس على استعادة مصر دورها الأفريقي الناصع.

ندرك جميعًا أن تحدي التنمية الشاملة يقع على رأس التحديات التي تواجه دول القارة، وهو تحدٍ لا يمكن التصدي له إلا بتبني نهج تكاملي يعزز روح التكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي بين دول القارة، فأفريقيا هي أرض الفرص الواعدة. ولقد كانت مصر على وعي دائم بهذه الحقيقة، فبادرت خلال العامين الماضيين إلى عقد عدد من الفاعليات تستهدف استكشاف آفاق الاستثمار في القارة، وتنسيق التعاون بين دولها في مختلف مجالات الاستثمار والتنمية، كان من بينها منتدى التكتلات الاقتصادية الأفريقية الثلاثة في مدينة شرم الشيخ في يونيو من العام الماضي 2015.

وتم التوقيع على الاتفاقية التأسيسية لمنطقة التجارة الحرة بين التجمعات الاقتصادية الثلاث (الكوميسا، والسادك، وتجمع شرق أفريقيا) في خطوة مهمة لطالما حلمت بها شعوب القارة في مسار التكامل الاقتصاديالأفريقي. هذا بالإضافة إلى منتدى أفريقيا 2016 الذي استضافته مدينة شرم الشيخ أيضًا في فبراير الماضي 2016.

اسمحوا لي أن أعيد على أسماعكم ما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في هذا المنتدى، حين قال إن "تحقيق التنمية، والذي يعتبر بحق التحدي الرئيسي الذي نجابهه جميعًا، يستدعى منا تطوير آليات العمل الأفريقي المشترك، والأخذ بنموذج التكامل والاندماج الإقليمي خاصة في ضوء الارتباط الوثيق بين متطلبات التنمية الاقتصادية في أفريقيا والحاجة إلى تنفيذ مشروعات إقليمية عملاقة في مجالات عدة بما في ذلك البنية الأساسية، فضلا  عن تعزيز تنافسية أسواقنا الوطنية بما يزيد من قدرتها على جذب الاستثمارات والنفاذ إلى الأسواق الدولية.

وعلى الرغم من أن تحدي التنمية المستدامة يمثل التحدي الأكبر أمام الدول الأفريقية، إلا أنني أرى، ولعلكم تتفقون معي، أن الإرهاب وانتشار التطرف قد أضحى خطرًا داهمًا على مستقبل قارتنا، خطرًا لا تقتصر آثاره على النواحي الأمنية والسياسية فحسب، وإنما تمتد لتعيق جهود تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهو تحدي تضعه مصر في سلم أولويات تحركها الخارجي، وبخاصة في ظل عضويتها في مجلس السلم والأمن الأفريقي ومجلس الأمن الدولي.

إنني على يقين بأن مؤسستنا الطموحة (البرلمان الأفريقي) باستطاعتها أن تمارس دورًا فاعلًا في دفع آليات التكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي في القارة، تماشيًا مع "أجندة 2015- 2063" التي تمثل خارطة المستقبل للخمسين عامًا المقبلة لتصبح أفريقيا قوة اقتصادية فاعلة على الساحة الدولية. كما أننا نتطلع جميعا لأن يقوم البرلمان الأفريقي بالدور ذاته في مكافحة ظاهرة الإرهاب، والعمل على تنسيق مواقف البرلمانات الأفريقية في التصدي لهذه آلافة التي يستفحل خطرها يومًا بعد الآخر.

أشكركم على حسن الاستماع، وأتمني لنا جميعا كل التوفيق في أعمالنا، ولقارتنا التقدم والازدهار.
الجريدة الرسمية