رئيس التحرير
عصام كامل

في كلمته بمناسبة الموافقة على الدستور..مرسي: الاستفتاء تم بإشراف قضائي كامل .. المصريون أثبتوا قدرتهم على تجاوز الصعاب.. تغييرات وزراية تناسب المرحلة.. البعض لم يدرك الفرق بين حق التعبير واللجوء للعنف

الدكتور محمد مرسي
الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية

أكد الدكتور «محمد مرسى» رئيس الجمهورية أن الشعب المصرى أثبت عبر الاستفتاء على الدستور قدرته على تجاوز الصعاب والتقدم إلى الأمام على طريق استكمال بناء مؤسساته الديمقراطية, مؤكدا أنه كان هناك خلال الفترة المؤقتة أخطاء وعثرات، ولكن بتضافر جميع الجهود سيتخطاها المجتمع.


وأضاف فى كلمته التى وجهها للشعب المصرى بمناسبة الإعلان عن الموافقة على الدستور الجديد: "لقد أصبح لمصر وللمصريين دستور حر ليس منحة من ملك ولا فرضا من رئيس ولا إملاءً من مستعمر، دستور اختاره شعب مصر بإرادته الحرة الواعية ومنحه لنفسه، وأثبت شعب مصر للعالم أجمع أن حضارته الضاربة فى أعماق التاريخ ما زالت حية فى واقعه، وأن الاستفتاء تم بشفافية كاملة وبإشراف قضائى كامل ومراقبة من الإعلام ومنظمات المجتمع المدنى وفى ظل إقبال المواطنين وتعاونهم وحماية من جيش الشعب وشرطته".

ووجه مرسى فى خطابه التحية للشعب المصرى الذى خرج ليقول كلمته، وللجنة العليا للانتخابات ولرجال القضاء الذين كانوا حريصين على أن يعبر الشعب عن إرادته بحرية كاملة، والقوات المسلحة قيادة وجندًا التى تحمى الحدود وأمن مصر الخارجى، ولكنها لا تتخلف أبدا عن داعى الوطن والشعب إذا دعاها، والتحية لقوات الشرطة المصرية التى ستظل أمينة على واجبها، تحمى الأمن وتصون الحقوق وتلتزم بالقانون.


وأكد أن مصر عاشت أيامًا وأسابيعَ من الترقب والقلق، وأنه حرص فيها أن ينتقل الوطن إلى بر الأمان وأن ينهى فترة انتقالية امتدت إلى ما يقارب العامين، تكلف خلالها اقتصاد الوطن وأمنه الكثير.

 
وأوضح أن مصر شهدت جدلا سياسيا كبيرا حول عملية صياغة الدستور فى مراحلها المختلفة واتخذت القوى السياسية مواقف مختلفة وهو أمر طبيعى فى ظل مجتمع كبير وهو يتحرك باقتدار نحو الديمقراطية والتنوع فى الرأي، وهى ظاهرة صحية، الاختلاف فى الرأى والفكر تستفيد منها المجتمعات الحرة ، حيث تتعدد الأفكار والآراء ويختار الشعب منها ما يعبر عن طموحاته ومصالحه، ولكن للأسف فإن البعض لم يدرك الفارق بين حق التعبير وبين اللجوء للعنف ومحاولة فرض الرأى عن طريق تعطيل المؤسسات العامة أو ترويع المواطنين.

وقال: " مهما كانت مصاعب المرحلة السابقة فإننى أراها بمثابة آلام ولادة فجر جديد، ولقد أثبت الشعب المصرى مرة أخرى بعد مرات سابقة فى استفتاء 19 مارس عام 2011 ، وانتخابات مجلس الشعب بنهاية عام 2011 ، وانتخابات مجلس الشورى أوائل عام 2012 ، وانتخابات الرئاسة بنهاية النصف الثانى من عام 2012 ، وهذا هو العمل الخامس الرائع، الاستفتاء على دستور مصر الجديدة".

وأعرب " مرسي" أن كل ما يتمناه هو نهضة مصر والانتقال بـها إلى مرحلة جديدة نبدأ فيها معًا ملحمة بناء وإنتاج, وأنه صمم على إنفاذ إرادة الشعب فى أن يكون لمصر دستور تستقر به الأوضاع وتقوم عليه المؤسسات ويفتح الباب أمام التنمية والتقدم والعدالة الاجتماعية.

وأكد أنه تحمل مسئولية اتخاذ الكثير من القرارات الصعبة، إيمانا منه بضرورة أن يكون الدستور ميثاقًا ثابتًا نرجع إليه جميعًا ونحتكم إليه, دستور يجعل رئيس الجمهورية خادمًا للشعب محدد الصلاحيات، وليس سيدا مطلقًا ولا حاكما مستبدًّا, وأنه بإقرار الدستور انتقل التشريع إلى ممثلى الشعب فى مجلس الشورى حتى إتمام بناء السلطة التشريعية بانتخاب مجلس للنواب.
وأشاد بالموقف الوطنى للمستشار محمود مكى الذى أدى دوره بكل قوة وإخلاص من أجل إقرار الدستور، وهو يعلم أنه لا ينص على وجود نائب للرئيس، موضحا أن الدستور الذى أقره الشعب جاء معبرًا عن روح ثورة يناير، حيث قام على حق المواطنة، وساوى بين الجميع بغير تفرقة ولا تمييز، وأعلى كرامة الإنسان وصان حرياته، وأكد أن كرامة الفرد من كرامة الوطن، وأنه لا كرامة لوطن لا تكرم فيه المرأة, دستور يضمن لقمة العيش للكادحين، ويجعل العمل والسكن والتعليم والصحة حقوقًا تكفلها الدولة ويضمنها القانون.

وأشار إلى أن الدستور يكفل حرية الفكر والرأى والإبداع، ويرسخ لقيم الاعتدال والوسطية، ويجعل من سيادة القانون أساسا لحرية الفرد ولمشروعية السلطة، ويجعل من الوحدة الوطنية فريضة وركيزة لبناء الدولة، ويحمى حقوق العمال والفلاحين، ويحافظ على الملكية؛ فلا مصادرة ولا غصب, ويسمح بتكوين الأحزاب وإصدار الصحف بمجرد الإخطار، ويحافظ على هوية مصر العربية والإسلامية، ويؤكد ريادتها الفكرية والثقافية.

واستطرد: "لقد أقر الشعب الدستور بأغلبية قاربت الثلثين, وهناك قطاع محترم من شعبنا اختار أن يقول "لا"، وهذا حقهم؛ لأن مصر الثورة لن تضيق أبدًا بالمعارضة الوطنية الفاعلة؛ لأننا لا نريد أن نعود إلى عصر الرأى الواحد أو الأغلبيات الزائفة المصنوعة", موضحا أن نتيجة الاستفتاء تدل على نضج ثقافى وديمقراطى حقيقى يبشر بأن مصر قد مضت فى طريق الديمقراطية بغير عودة إلى الـوراء، ولا بد أن تتكاتف الجهود من أجل بناء الوطن، ومن أجل ذلك أصبح الحوار ضرورة لا بديل عنها, نسعى جميعًا فى إطار الحوار إلى التكامل والتوافق حول قضايا المرحلة القادمة, مجددا الدعوة لكل الأحزاب والقوى السياسية للمشاركة فى جلسات الحوار الوطنى.

وأكد أن الأيام القادمة أيام عمل وجهد من الجميع من أجل دفع الاقتصاد الذى يواجه تحديات ضخمة، ويمتلك فرصًا كبيرة للنمو, وأنه سيقوم بكل التغييرات الضرورية التى تحتاجها هذه المهمة من أجل نجاح مصر، ووضع مسار التنمية الشاملة فى بؤرة اهتمام الجميع, كما أن الحكومة الحالية تؤدى دورها قدر المستطاع فى ظروف صعبة.

وأضاف: "كلفت الدكتور هشام قنديل رئيس الحكومة، وأتشاور معه لعمل التعديلات الوزارية اللازمة التى تناسب المرحلة, أشعر بالمواطنين الأقل دخلًا فى المجتمع المصرى، وأحس بما يعانونه فى هذه الأيام، ولن أسمح بأن يتحملوا مزيدًا من المعاناة, سأعمل مع الحكومة وكافة مؤسسات الدولة على تقديم أفضل ما يتحمله الاقتصاد المصرى من دعم للمواطنين, وستشهد المرحلة القادمة مشروعات جديدة وحزمة تسهيلات للمستثمرين لدعم الاستثمار فى مصر".
الجريدة الرسمية