جدل ديني مع تأهب لندن لانتخاب أول عمدة مسلم في البلاد
يعكس كل من صادق خان وزاك جولدسميث، بوضوح، الانقسام الطبقي التقليدي بين سياسيي حزبي العمال والمحافظين في بريطانيا.
ويؤكد صادق خان، المنتمي إلى حزب العمال، وهو محام سابق في مجال حقوق الإنسان، على بداياته المتواضعة، في حين أن جولدسميث، الذي نشأ في منطقة ريتشموند بارك الثرية في لندن، يقلل من أهمية جذوره التي تعود لواحدة من أغنى العائلات في بريطانيا.
ويوجه خان، المرشح الأوفر حظًا في الانتخابات التي ستجرى في الخامس من مايو الجاري، حديثه للناخبين بالقول "قصتي هي قصة لندن".
وكان صادق خان وزيرًا في حكومة حزب العمال الأخيرة.
وقال خان "كان والدي سائق حافلة بينما كانت أمي تعمل في حياكة الملابس. أعطتني لندن فرصة للانتقال من أحد مجمعات الإسكان الاجتماعى التابعة للمجالس البلدية إلى المساعدة لتشغيل مشروع تجاري ناجح ثم الخدمة كوزير في الحكومة"، واعدًا "جميع مواطنى لندن بالحصول على نفس الفرص التي منحتها المدينة لي".
أما جولدسميث فتعهد بمواصلة السياسات التي حظيت بشعبية، لعمدة المدينة الحالي، بوريس جونسون، وهو حليف مقرب له يقود حملة في بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء المقرر يوم 23 يونيو المقبل.
وذكر جولدسميث، الذي تقدر ثروته الشخصية بـ75 مليون جنيه إسترليني (نحو 109 ملايين دولار أمريكي)، وفقًا لمجلة "صنداي تايمز ريتش ليست" المعنية بالشخصيات والأسر الأكثر ثراء في المملكة المتحدة، "على مدى السنوات السبع الماضية، وضع بوريس لندن مرة أخرى على الخريطة، شهدنا استثمارات قياسية، وخلق فرص عمل، وانخفاض معدلات الجريمة، وانحسار تأخير مترو الأنفاق".
وأضاف متحدثًا للناخبين "لدينا فرصة لمرة واحدة في العمر لنحافظ على هذا التقدم ونبني عليه حتى لا يضيع".
وتشير استطلاعات الرأي إلى تقدم طفيف لخان، ويتوقع العديد من المحللين أن يصبح أول عمدة مسلم للندن.
ومع انضمام لاعبين صغار إلى المنافسة من حزب الديمقراطيين الأحرار، وحزب الخضر، وحزب الاستقلال البريطاني وغيرها، فإن كل مرشح من المرشحين، خان وجولدسميث، يقول إنه يطرح أفضل الحلول لأزمة الإسكان في لندن والبنية التحتية المتداعية للنقل العام.
لكن كلا منهما يقف على طرفي نقيض في الجدال الدائر حول الحملة الداعية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي المسماة "بريكست"، إذ يدعم جولدسميث حملة جونسون للانسحاب من الاتحاد، فيما يدعم خان، كمعظم كبار رموز حزب العمال، البقاء في الاتحاد. ولكن "بريكست" لم يكن لها حضور كبير في الحملات الانتخابية.
ويقول توني ترافيرز، أستاذ العلوم السياسية في كلية لندن للاقتصاد الذي يتوقع أن تبلغ نسبة إقبال الناخبين في الاستفتاء 37% كحد أقصى " أعتقد أن سياسات لندن، وسياسات رئاسة المدينة، تم استبعادها إلى حد كبير من استفتاء الاتحاد الأوروبي".
وألقت ديانة خان وادعاءات المحافظين بارتباطه مع المتطرفين، بظلالها على قضايا أخرى في الأسابيع الأخيرة، مع وصول جدال شديد بهذا الخصوص إلى البرلمان.
واتهم فينس كيبل، وزير الأعمال الليبرالي الديمقراطي السابق في الحكومة الائتلافية التي كانت ولايتها من 2010 وحتى 2015، جولدسميث، بالانضمام إلى "حملة معادية للإسلام تستخدم لغة وكلمات رمزية " ضد خان.
وتحدث كيبل بعدما قام جولدسميث بوصف خان بـ"المتطرف" ونشر تصريحات على ما يبدو غير صحيحة، عنه في منشورات حملة تستهدف الناخبين من أصول جنوب آسيوية. واتهم جولدسميث منافسه أيضًا بالارتباط مع المتطرفين الإسلاميين.
وقال خان عبر موقع تويتر مخاطبًا جولدسميث "لا حاجة للإشارة إلى باستمرار والصياح 'إنه مسلم'.. فأنا أضع هذه المعلومة على المنشورات الخاصة بي".
ونفى جولدسميث أنه يركز على ديانة خان، قائلًا إن منافسه "يرفع صيحات الخوف من الإسلام (الإسلاموفوبيا) لإغلاق الطريق أمام أسئلة مشروعة".
وتصاعد الجدل في البرلمان، يوم 20 أبريل الماضي، عندما قال رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، إن حزب العمال "اختار في لندن شخصًا يجلس على المنصات مع المتطرفين"، مما دفع زعيم حزب العمال، جيرمي كوربين، إلى مقاطعته هاتفًا "هذا مشين!".
لكن كاميرون لم يتراجع، قائلًا إنه "من الصواب أن نبحث في حكمهم على الأمور" إذا كان هناك شخص يرتبط بالمتطرفين. وذكر أن خان "ظهر على منصة مع سليمان غني تسع مرات، وهذا الرجل (غني) يدعم تنظيم داعش".
ورد غني وهو رجل دين مسلم، بالقول إنه "أدار حملات ضد شرور تنظيم داعش"، في حين قال خان إن تدخل كاميرون علامة على "حملة جولدسميث المثيرة للانقسامات التي تسير على نهج (المرشح المحتمل للرئاسة الأمريكية) دونالد ترامب".
وأقر خان بحضور نفس الفعاليات مع غني، وغيره من المسلمين الصرحاء، ولكن فقط بصفته محاميًا لحقوق الإنسان.
وقال رئيس الرابطة الإسلامية في بريطانيا، عمر الحمدون، في بيان، إن حملة انتخابات عمدة لندن شابتها أعراض "تطبيع الإسلاموفوبيا في محاولة لكسب الأصوات".
وأثارت جماعات مسلمة أخرى مخاوف بشأن حملة حزب المحافظين، في حين حثت المنظمة المتخصصة في مراقبة الهجمات ضد المسلمين في بريطانيا، كلا الجانبين على "التخفيف من لهجة التصريحات الساخنة والعبارات الرنانة" والتركيز على السياسات.