«مخطط تركيع العرب برعاية آيات الله».. الهجوم الأمريكي على سياسة المملكة في إدارة أمورها أكد حدوث «طلاق سياسي» بين البيت الأبيض والديوان الملكي.. وسيناريو «تيران وصنافير»
سحابة مخيفة تخيم على أجواء مصر ودول الشرق الأوسط، وتحديدًا سماء المملكة العربية السعودية ودول الخليج باستثناء قطر بعد أن أخرج محور «أهل الشر» جميع الملفات دفعة واحدة في سياق مخطط يستهدف الدول العربية الفاعلة والتي نجحت في البقاء رغم عاصفة الربيع العربى المدمرة.
حقوق الإنسان.. الطائفية.. تراجع أسعار النفط.. وهذه الملفات أخرجت دفعة واحدة من أدراج أجهزة الاستخبارات الأمريكية والغربية، بهدف وخاصة مصر والسعودية تنفيذ ما تبقى من السيناريو الفوضوى الذي يسعى واضعــوه لفرض المشروع الإسرائيلى على المنطقة، وفى الوقت ذاته خلق مشروع منافس –إيران- يستخدم فزاعة، للتحكم في الدول العربية بسياسة «لى الذراع» وإجبارها على الجلوس على طاولة تطبيع ويدفعها إلى «كامب ديفيد جديدة».
أزمة جزيرتى «تيران وصنافير» لم تكن بعيــــدة عن السيناريو المرسوم بعناية لدفع الجميع إلى المجهول وإدخال العرب «بيت الطاعة» وتنفيذ ما عجز عن تحقيقه الربيع العربى، خاصة أن المستهدف هذه المرة هدف استراتيحى وهى –السعودية- وجائزة كبرى وهى «مصر».
الهدف الإستراتيجي
الإعداد للحصول على الهدف الإستراتيجي بدأ مبكرا، وتحديدًا عقب رحيل الملك عبدالله العاهل السعودى السابق، ومع تولى الملك سلمان حكم البلاد وإجرائه تعديلات في هيكل الحكم بدفع جيل الشباب من الأسرة الحاكمة ممثلا في ولى العهد الأمير محمد بن نايف، ونجله الأمير محمد بن سلمان ولى ولى العهد ووزيرا للدفاع.. ومنذ حينها ظهرت ملامح فتنة كبرى في المملكة، حيث خرجت تقارير لصحف عالمية تتحدث عن صراع مكتوم داخل الأسرة الحاكمة، ومع فشل التحريك الداخلى الذي تزامن مع إشعال أزمة طائفية في المنطقة الشرقية نفذها رجل إيران «نمر النمر» الذي أعدم مؤخرًا لإثارة النعرات المذهبية ودفع السعودية إلى مشروع التقسيم.
فشل خلق الفوضى في الرياض بالسياسة الناعمة عبر وسائل الإعلام والاحتجاجات، دفع واشنطن للدخول في خط مواجهة مباشر مع المملكة دون مواربة بعد نقل ثقل تحالفها الجديد إلى طهران، والتعويل على إيران كبديل آمن للمملكة في النفط والدولار.
ودون مقدمات تؤشر على الأزمة في العلاقات هاجم الرئيس الأمريكى باراك أوباما السعودية وجلدها بسوط حاد متهما إياها بدعم الإرهاب في العالم والمنطقة كما ورد بحديثه المثير للجدل على صفحات «أتلانتنك» الأمريكية.
مع قرع طبول حرب البيت الأبيض ضد المملكة، انطلقت حملات الترويع الغربية المعتادة في بريطانيا المتعلقة بملف حقوق الإنسان وتفجير قضية المدون «رائف بدوي» وأحكام الإعدام وصولا إلى إشكالية منع قيادة النساء للسيارة، كما تم فتح ملف انتهاكات هيئة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، لتنتهى الأمور بمصيبة تحاك بهدوء الآن متعلقة بتورط السعودية في أحداث 11 سبتمبر الأمريكية ودعمها القاعدة.
التخلى الواضح لأمريكا عن حلفاء الماضى والعمل على تقوية الحليف الجديد المرتقب ميلاده –إيران- قدم الخدمة الجليلة لدولة الاحتلال الإسرائيلى التي بدا واضحًا أنها هي الأخرى تسعى لفرض مشروعها في المنطقة بعيدًا عن واشنطن، بهدف التخلص من أبوة النظام الأمريكى لها وإعلان «فطام الفتى المدلل» الذي نضج إقليميا ونجح في كسب صداقات ونقل نفسه من مقعد العدو إلى الحليف، ويريد الآن إمساك خيوط اللعبة بنفسه لتحريكها دون كفيل.
واللقاء الذي كشفت عنه الصحف العبرية الذي جمع الأمير محمد بن سلمان، وزير الدفاع السعودي، وبنيامين نتنياهو، رئيس الحكومة الإسرائيلية، في الأردن، رغم الصدمة في الوهلة الأولى لتسريبه، لكنه كشف السطور المخفية بالحبر السرى في المشروع الكبير، وفسر أيضًا الدور الخفى لـ«تل أبيب» في دفع القاهرة والرياض لتعيين الحدود ونقل تبعية جزيرتى «تيران وصنافير» إلى المملكة لأهداف نشرحها لاحقًا.
ورطة اليمن
دوامة كبيرة صنعتها بريطانيا وأمريكا للسعودية خلال الشهور الماضية، جعلت المملكة في خطر حقيقى في ظل استنفاد مواردها المالية في حرب طاحنة باليمن ضد ميليشيات الحوثى الموالية لـ«إيران»، في وقت أيضًا تتلاعب فيه واشنطن بالرياض من خلف ستار وتجرى اتصالات مكثفة بالحوثيين هناك وتغض الطرف عن وصول شحنات أسلحة إيرانية إلى صنعاء لإطالة أمد المعركة وضمان عدم خروج السعودية من المستنقع، وأبرز الأدلة على ذلك اللقاء الذي جمع السفير الأمريكى لدى اليمن «ماثيو تولر» بوفد من المتمردين في فندق شهير بأحد العواصم العربية، وأكد خلال اللقاء عدم تخلى أمريكا عن الحوثيين وإصرارها على وجودهم كمكون في السلطة، حسبما أكد مصدر مقرب من المفاوضات الجارية في تصريحات خاصة لـ»فيتو»، كشف خلالها أن المملكة تستشعر حجم الورطة التي وقعت بها الآن، وتريد الانسحاب قبل اتساع شرخ الجدار.
الجائزة الكبرى
كرر الرئيس عبدالفتاح السيسي عبارة «أهل الشر» في أكثر من كلمة له مؤخرًا، آخرها كان خلال المؤتمر الصحفى المشترك لها مع نظيره الفرنسى فرانسو هولاند أثناء زيارته القاهرة، ذكر السيسي العبارة تخطى حدود القاهرة لذكرها في وجود رئيس من البيت الغربي، من المؤكد أنها وصلت إلى المعنيين بها خارجيًا بعد ترجمته إلى الإنجليزية أو الفرنسية.. وحتمًا وصلت إلى المقصودين بها في الداخل دون الحاجة لترجمتها إلى لغات أخرى.
تيران وصنافير
أزمة الجزيرتين «تيران وصنافير».. هي الأخرى لم تكن بعيدة عن بنود «بنك الأهداف» لخطة محكمة استهدفت مصر والسعودية، خلال العامين الماضيين، ولم يستبعد مراقبون سيناريو ثانى لهذه الأزمة بعيدًا عن الروايات الرسمية، وهو توافق الدولتين –مصر والسعودية- على نقل تبعية الجزيرتين لإنقاذهما من كارثة محدقة تهدف لتهديد العمق المصرى والسعودى عبر البحر، من خلال الإعلان عن سحب قوات حفظ السلام وخلق مناوشات بحرية لاحقًا بهدف وضعهما –الجزيرتين- تحت حماية دولية بذريعة تأمين المضيق الملاحى.
المرجحون لهذه الرواية رغم عدم توفر أدلتها العلنية، عولوا في تبنيها على التحالف العسكري الإسلامى الذي يضم القاهرة والرياض ويعتبرون أن نقل تبعية الجزيرتين لن يغير في الأمر شيئًا على أرض الواقع بل يعطى مبررا لوجود عسكري مصرى سعودى مشترك يجهض مخطط تدويل الجزيرتين من جهة، ومن الجهة الثانية يعمل على تأمين البحر الأحمر من الشمال بعد اشتراك الطرفين في غلقه من الجنوب، لفرض عزلة مائية على إيران ومنعها من محاولة تطويق الدول العربية لما لها من تاريخ حافل في نقل شحنات أسلحة عبره إلى ميناء «بورسودان»، وإيقاف مدها البحرى إلى الدول الأفريقية والذي تعاظم خلال الأعوام الماضية في غفلة من الدول العربية.
المشروع الإسرائيلى
بعد انحصار المشروع العربى في القاهرة والرياض، وميلاد مشروع فارسى قادم بقوة برعاية أمريكية من خلف شط العرب، برز المشروع الإسرائيلى على سطح المشهد السياسي في المنطقة، ووضعت بنوده بطريقة ملائمة لمخاوف المسلمين «السنة» من الهيمنة «الشيعية» المرتقبة، لضمان دفع الدول العربية إلى «كامب ديفيد جديدة» ترتضى بصداقة الاحتلال لمواجهة المشروع الإيرانى المدعوم بالسلاح النووى إعمالا بمبدأ «عدو عدوى صديقى».
المباركة الإسرائيلية لنقل تبعية «تيران وصنافير» إلى الرياض، وعدم رفضها مشروع بناء الجسر البرى بين مصر والسعودية، خلافا لموقفها في السنوات الماضية، يطرح هنا علامات استفهام كبيرة حول تحريك ملف «تيران وصنافير» وممارسة الضغط السياسي والاقتصادى على مصر، والهجمة المنظمة ضد السعودية قبل إعلان تعيين الحدود البحرية، كما يؤشر على وقوع الدولتين تحت ضغوط كبيرة دفعتهما لهذا الاتفاق لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بهدف لملمة الصف الذي تفرق بالمخططات الخارجية ودسائس جماعة الإخوان بين العاصمتين خلال الفترة الماضية.
زعزعة استقرار الإمارات
دولة الإمارات رغم حرصها على تجنب خلق حراك داخلى لديها عن طريق سد مسام الدولة والعمل على رفاهية الشعب واستيعاب الشباب، هي الأخرى لم تكن بعيدة عن المرحلة الثانية من الفوضى، وبدأت التقارير الغربية تتوالى عن دورها في دعم الفريق خليفة حفتر قائد الجيش الليبى في بنغازي، وتحميلها مسئولية عرقلة ممارسة حكومة التوافق الوطنى برئاسة فايز السراج ممارسة مهام أعمالها، تمهيدًا لتوجيه اتهامات لها مستقبلا بعرقلة قرار أممى.
إضافة إلى ذلك خلقت جماعة الإخوان أزمة في اليمن بعد الدفع باللواء محسن الأحمر المحسوب على حزب الإصلاح الذراع السياسية لإخوان اليمن إلى منصب نائب رئيس الدولة، والإطاحة بخالد بحاح الذي كانت تعول عليها الإمارات لخلق حالة توافق بين جميع الفرقاء لقبوله لدى الحوثيين وحزب المؤتمر الحكام سابقا.
خيانة الإمارات في اليمن لم تقتصر على الاطاحة بـ«بحاح» بل طالت جنودها في الداخل اليمنى بسلسلة اختراقات على يد عناصر موالية للإخوان كبدتها خسائر هائلة في العتاد وأرواح جنودها، بهدف خلق أزمة سياسية بينها وبين السعودية القائد الفعلى للتحالف العربى.
"نقلا عن العدد الورقي.."