رئيس التحرير
عصام كامل

«الدببة» تشوه وجه مصر


نتصرف باستمرار مثل"الدببة التي تحاول إنقاذ صاحبها من الناموسة فتقتله"..التصرف الأول.. وقع من أحد رجال الأعمال، الذي سعى، في وصلة نفاقية مكشوفة، لمجاملة النظام، وإثبات أنه يقدم دعما لا محدود، فاستضاف رجاله، في قناة يملكها، اثنين من أعضاء البرلمان الإيطالي.. للحصول منهما على تصريحات مؤيدة لموقف مصر في قضية مقتل الطالب الإيطالي "جوليو ريجيني"، واستنطاقهما بما يثبت براءة الحكومة المصرية من دم الفتى.


بالفعل استجاب الرجلان، وطبعا كان هناك اتفاق مسبق مبرما بين القناة والضيفين.. فاستبعد العضوان تورط الحكومة المصرية في مقتل ريجيني خلال لقائهما مع رجل الأعمال الذي يترأس البرلمان الأورومتوسطي، والذي أذاعته القناة المملوكة للرجل يوم الإثنين، وأبرزه موقع الهيئة العامة للاستعلامات.

وقال النائبان: إن قتلة ريجيني هم أعداء الشعبين المصري والإيطالي، وكذلك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي. واتهما المنظمات المعارضة الممولة من القوى الاقتصادية الدولية لدعم الجناة، من أجل الحصول على مكان إيطاليا في العلاقات الاقتصادية مع مصر، وأضافوا أنهم تفهموا رفض مصر تسليم سجلات الهاتف للحكومة الإيطالية... إلى هنا فالكلام جميل جدا.

فيما تجاهلت البوابة الإلكترونية، المملوكة أيضا لرجل الأعمال الكبير، تقديم فكرة صحيحة للقراء عن النائب الإيطالي "لوشيو باراني" أحد النائبين اللذين استضافهما الرجل الشهير، ولم تذكر البوابة أنه تم منع باراني من حضور جلسات البرلمان الإيطالي في أكتوبر الماضي، بعدما أشار لإحدى النائبات بإشارات خادشة للحياء أثناء حديثها، ووصفه زملاؤه بالمجلس حينها بـ "الخنزير". وقد تناولت الصحافة الإيطالية بالفعل خبر الاجتماع منتقدة سوء الاختيار؛ بما انعكس سلبا على موقف مصر في القضية.

تصرف صاحب فكرة استضافة "باراني" مثل الدبة تماما.. فوقع على أسوأ اختيار للدفاع عن وجهة نظر الدولة المصرية، وإليه نقل: "شكرا.. نرجو ألا تتطوعوا بمثل تلك الأفكار الجهنمية ثانية".

التصرف "البايخ" الثاني: قضية تمويل منظمات المجتمع المدني، و"بان كي مون" يعرب عن قلقه: أرجأت محكمة جنايات القاهرة في جلستها الأخيرة، نظر قضية التمويل الأجنبي لعدد من منظمات المجتمع المدني، والتي تشمل تجميد أموال عدد من النشطاء الحقوقيين البارزين، إلى شهر مايو، بناء على طلب من ممثلي الادعاء الذين قالوا إنهم بحاجة لمزيد من الوقت لدراسة القضية، وفق ما نقلته "رويترز". وقبل جلسة المحكمة أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون عن قلقه بشأن هذه القضية قائلا: "المتهمون في هذه القضية يجب أن يكونوا قادرين على الاستفادة من كافة إجراءات التقاضي، ومعايير المحاكمة العادلة"، حسبما جاء في بيان صادر عن الأمم المتحدة.

من جانبه رفض أحمد أبو زيد المتحدث باسم وزارة الخارجية أي تصريحات أو بيانات من شأنها التدخل في عمل القضاء المصري، خاصة تلك الصادرة قبل ساعات من انعقاد جلسة المحكمة.

ويوم الأربعاء الماضى، أضافت النيابة العامة المزيد من النشطاء الحقوقيين ومنظمات المجتمع المدني كمتهمين جدد في القضية.

في الوقت نفسه، قضت محكمة القضاء الإداري يوم الثلاثاء الماضى بأن منظمات المجتمع المدني (الجمعيات الأهلية) يمكنها تلقى تمويل أجنبي، طالما لا تصنف وزارة التضامن الاجتماعي المنظمة على أنها تضر بالسلم والأمن العام، أو أنها تؤثر سلبا على الآداب العامة، وذلك في الدعوى التي أقامتها آمال عبد الهادي، رئيسة مؤسسة المرأة الجديدة ضد "التضامن".

الفقرة الثالثة من التصرفات "البايخة".. ما تناولته الصحافة العالمية على نحو واسع بشأن كارثة غرق نحو 500 مهاجر غير شرعي في مياه البحر الأبيض المتوسط خلال الأسبوع الماضي، بعد غرق القارب الذي كان يحملهم إلى أوروبا قبالة السواحل المصرية.

وذكرت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، يوم الأربعاء الماضي، أن السماسرة المسؤولين عن العملية قاموا بتكديس المهاجرين في قارب مكتظ بالفعل، مما أدى إلى غرقه، بينما ذكرت "نيويورك تايمز" أنه في حالة التأكد من غرق جميع من كانوا على متن القارب، فإنها ستكون أسوأ كارثة إنسانية تحدث فيما يتعلق بأزمة المهاجرين إلى أوروبا، منذ وفاة أكثر من 800 مهاجر قرابة السواحل الليبية في أبريل من العام الماضي. وكان قد تم إنقاذ نحو 23 صوماليا، و11 إثيوبيا، و6 مصريين، ومواطن سوداني واحد.. المصريون صارت أخبار كوارثهم مقترنة بالصوماليين والسودانيين والإثيوبيين.. ومن المستبعد أن نقترن بالأمريكان، أو الأوروبيين، أو حتى الآسيويين، ما دمنا مصممين على التفريط في شبابنا.

الكارثة الرابعة فيما كشفت عنه صحيفة الصين اليومية الرسمية الأربعاء الماضى من أن الحكومة الصينية ستحث شركات الملاحة على استخدام "الممر الشمالي الغربي" المار عبر القطب الشمالي، الذي فتح بفضل التغير المناخي، لتقليل الزمن الذي تستغرقه الرحلات البحرية بين المحيطين الأطلسي والهادئ.

وسيؤدي استخدام الممر القطبي إلى توفير الوقت والمال لشركات النقل البحري الصينية، فعلى سبيل المثال تكون الرحلة البحرية من شنغهاي إلى ميناء هامبورج الألماني عبر الممر الشمالي الغربي أقصر بـ 2800 ميل بحري عن الطريق المار عبر قناة السويس.

ونقلت الصحيفة عن الناطق باسم وزارة الملاحة البحرية الصينية قوله: "عندما تعتاد السفن على استخدام هذا الطريق، سيغير ذلك وجه الملاحة التجارية العالمية مما سيكون له أثر كبير على التجارة العالمية والاقتصاد العالمي وتدفق رءوس الأموال واستغلال الموارد الطبيعية".. هل يكتب هذا الطريق الجديد شهادة الوفاة لقناة السويس؟!

من جانبها نشرت بعض المواقع تهديدات الصين لمصر باستخدام ذلك الطريق، في حالة عدم خفض رسوم العبور في القناة 50 %! هل ستصر الحكومة على التزام الصمت، وتجاهل مكاشفة الشعب بالحقائق، كعادتها دائما؟!
الجريدة الرسمية