خمور وزير الطيران
تصريحات وزير الطيران المدنى، التى نشرها مؤخراً تؤكد إلى أين تسير البلد وما هى أولويات التنظيم السرى للإخوان وحلفائه؟ الأمر هنا لا يتعلق فقط بالشأن السياسى العام أو بالمطالب المجردة، ولكنها تتماس مباشرة مع الحياة اليومية للناس ومستقبلهم الاقتصادى.
فماذا قال الوزير؟
أولاً إنه يفكر فى إغلاق مطار القاهرة ليلاً ومعه باقى المطارات، وأضاف أنه فى حالة تأثيره على حركة الطيران فلن يتم لكن دعنى أقول لك إن مجرد التفكير كارثة، فالمطارات ليست سوبر ماركت فى كل مكان فى الدنيا، ناهيك عن أنها من البديهى سوف تقضى على أى أمل فى نهضة سياحية. والمؤشر هنا أن الوزير ومعه الإخوان لا يفتقدون فقط الخبرة، بل ويفتقدون حتى البديهيات التى يعرفها غير المتخصص.
التصريح الأهم هو أنه يدرس أيضاً وقف بيع الخمور فى الأسواق الحرة. ودعنى أقول لك إنه ربما يتراجع فى غلق المطارات، ولكنه لن يتراجع عن وقف بيع الخمور. لماذا؟
لأن هذه هى الأولويات الحقيقية للإخوان، وهذه هى شكل الدولة الدينية التى يريدون تطبيقه.. وهذا سوف يمتد إلى الفنادق وكل مظاهر الحياة بالنسبة للسياح الأجانب. الأمر هنا لن يدرسوه على أرضية الخسائر الاقتصادية، فهذا ليس مهماً حتى لو كان الثمن هو تجويع المصريين وخراب بيوت أكثر من أربعة ملايين مصرى وأسرهم، بالإضافة إلى الصناعات اللصيقة بالسياحة مثل صناعات الأغذية والأثاث والمفروشات .. الخ.
فكل هذا الخراب ليس مهماً وسوف يطلقون فى وجوهنا الحرام والحلال.. والحقيقة أن الأمر لا علاقة له بذلك ولكن له علاقة بالمصالح وله علاقة بشكل الدولة الذى نريده:
•لا يحق لفصيل أن يعيد بناء الدولة ولا تحديد أولوياتها الاقتصادية وشكل الحرام والحلال فيها على أرضية خلفيته الدينية أو السياسية، فالمصريون ليسوا فقط الإخوان ولا السلفيين وليسوا فقط المسلمين، ولكنها تضم كل الأصناف والأنواع والعقائد بما فيها الملاحدة. ولا يحق لفصيل حتى لو كان أغلبية أن يفرض شكلا للدولة ولحياة المواطنين.
• بالمثل لا يحق لفصيل حتى لو كان أغلبية أن يمنع صناعات بناءً على تصوره الأيديولوجى، فليس منطقياً مثلاً إذا تولى الشيوعيون السلطة أن يقاتل بعضهم لغلق مصانع "ماكياج النساء" لأنه عمل "برجوازى يفسد أخلاق المجتمع". وليس منطقياً أن يمنع قطاعاً السلفيين صناعة الجرافتات لأنها تشبه بالغرب الكافر.. الخ.
• الأمر هنا لا يتعلق بالحرام والحلال، فكل دين وكل أيديولوجيا عندها محرماتها، وعندها حلالها. ولأن المصريين مثل كل الشعوب فيهم كل الاختلافات، فالطبيعى أو البديهى أن نناضل من أجل بناء دولة تتسع لنا جميعا. دولة يمارس فيها كل منا حريته الفردية والعامة دون الإساءة لغيره.
حتى نحقق ذلك لا تجعل الإخوان وحلفاءهم يخوفوك بالحرام والحلال. ودعنا نرد عليهم دون حساسية أن الأوطان لا يملكها دين أو عقيدة أو أيديولوجيا. لكن يملكها ويبنيها كل أبنائها.