رئيس التحرير
عصام كامل

قانونية وضع الإخوان.. مجلس قيادة الثورة حل الجماعة عام 1954.. الإخوان يطعنون 32 مرة على القرار ويتم رفضه.. وتحويلها لجمعية أهلية يثير الشكوك

جماعة الإخوان المسلمين
جماعة الإخوان المسلمين

فتح التقرير الذى أوصت هيئة مفوضى الدولة المحكمة بإصدار حكم نهائى بأن جماعة الإخوان المسلمين ليس لها أى وجود قانونى، ووجودها الحالى غير شرعى؛ لأن الجماعة لم يكن لها أى كيان قانونى منذ تأسيسها، فتحت الباب للحراك القانونى عن مدى دستورية توفيق الجماعة لأوضاعها والتى أكد محاموها أن الجماعة بالفعل قامت بتوفيق أوضاعها تبعا لقانون الجمعيات الجديد.


ومن المعروف أن الجماعة محظورة بعد حرب فلسطين 1948 وكان «عمر التلمسانى» المرشد الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين قد أقام دعوى- منذ أكثر من 36 عاما، وتحديدا عام 1977 برقم 133 لسنة 32 قضائية طعنا على قرار مجلس قيادة الثورة الصادر فى 1954 بحل الجماعة واعتبارها كأن لم تكن، لكن القضية حكمت فيها محكمة القضاء الإدارى عام 1992 بعدم القبول لعدم وجود أى كيان قانونى للجماعة.

كما أوصت هيئة المفوضين، بعدم جواز نظر الطعن على سند من أن دستور 1956 قد نص على تحصين قرارات مجلس قيادة الثورة، ولا يجوز الطعن على أى من قراراته أمام القضاء.

لكن محامى الإخوان أكد أن الجماعة وفقت أوضاعها وأصبحت جمعية أهلية برقم إشهار 644 لسنة 2013، وسجلت نفسها كجمعية أهلية منذ 3 أيام فى سرية تامة، ليرد عليه الحقوقى حافظ أبو سعدة فى تغريدة: "تم تسجيل الإخوان كجمعية أهلية فى مارس الجارى.. والنشاط السياسى غير مسموح به للجمعيات".

وبدأ نشاط الإخوان المسلمين فى مصر كحركة جامعة، أسسها «حسن البنا» عام 1928 فى مدينة الإسماعيلية، وما لبثت أن انتقلت إلى القاهرة، فى ثلاثينيات القرن العشرين، وزاد التفاعل الاجتماعى والسياسى للإخوان المسلمين وأصبحوا فى عداد التيارات المؤثرة سياسيا واجتماعيا، وفى عام 1942- خلال الحرب العالمية الثانية- عمل الإخوان على نشر فكرهم فى كل من شرق الأردن وفلسطين، كما قام الفرع السورى بالانتقال إلى العاصمة دمشق فى عام 1944.

وبعد الحرب العالمية الثانية، قام «الإخوان المسلمين» بالمشاركة فى حرب 1948 لتحرير فلسطين بكتائب انطلقت من كل من مصر بقيادة البطل أحمد عبد العزيز والصاغ «محمود لبيب» والشيخ «محمد فرغلى» و«سعيد رمضان» ومن سوريا بقيادة «مصطفى السباعى» ومن الأردن بقيادة «عبد اللطيف أبو قورة» و«كامل الشريف» ومن العراق بقيادة «محمد محمود الصواف» وفلسطين.

وحُلت الجماعة فى أعقاب عودة مقاتليها من حرب فلسطين من قبل محمود فهمى النقراشى رئيس الوزراء المصرى آنذاك، بتهمة "التحريض والعمل ضد أمن الدولة"، ولاحقا اغتيل محمود فهمى النقراشى، لكن الإخوان أدانوا قتل النقراشى وتبرءوا من القتلة بعدما قال «البنا» مقولته الشهيرة على القتلة: "ليسوا إخوانا، وليسوا مسلمين".

أما من قام بقتل النقراشى فهو طالب بكلية الطب البيطرى بجامعة فؤاد الأول بالقاهرة، اسمه "عبد المجيد حسن" أحد طلاب الإخوان الذى قُبض عليه فى الحال، وأودع السجن، وقد ارتكب فعلته، وهو يرتدى زى ضابط شرطة، لهذا لم يُشَك فيه حين دخل وزارة الداخلية، وتربص بالنقراشى، لإطلاق النار عليه، وبعد اغتيال النقراشى بعدة أشهر، تم اغتيال مؤسس الجماعة حسن البنا مساء السبت 12 فبراير 1949م.
ومنذ نشأة الجماعة وضع حسن البنا الأسس للعمل السياسى للإخوان، فهم ليسوا مجرد جماعة دعوية دينية فقط، ولكنهم هيئة سياسية نتيجة لفهمهم العام للإسلام، وأن مشاركتهم السياسية تأتى من منطلق الإصلاح فى الأمة وتطبيق تعاليم الإسلام وأحكامه.

وكان «حسن البنا» يلقب بين أنصاره "بالإمام الشهيد"، مؤسس الجماعة وصاحب الفكر الرئيسى المؤثر فى أفرادها من خلال العديد من الرسائل التى ألفها، وفى أول دراسة ميدانية عن الإخوان منذ أربعين عاما، والتى استمرت لمدة عامين ونصف، نجد صاحب البحث خليل العنانى الكاتب المصرى المتخصص فى شئون الحركات الإسلامية، فى كتابه "الإخوان المسلمون فى مصر، شيخوخة تصارع الزمن" الصادر فى 2007 يشير إلى "وجود فجوة كبيرة داخل الجماعة فى فهمهم لمسألة الديمقراطية، حيث يفهمونها كممارسة وليس كقيم، أى يدخلون الانتخابات ويطلقون مظاهرات لكن لا يوجد إيمان لديهم بقيم الديمقراطية من مساواة وحرية وعدالة".

كما قام معهد ديل كارنيجى للسلام بدراسة حول جماعة الإخوان فى مصر جاء فيها أن الإخوان يواجهون أربع إشكاليات فى مواجهة المجتمع المدنى المصرى وهى الديمقراطية والمرأة والأقباط والعلاقة مع الغرب.

ومن الإشكاليات التى باتت لصيقة بالإخوان والرسخة لدى المحللين أن جماعة الإخوان المسلمين يستغلون الدين للوصول سياسيا إلى السلطة، من خلال شعار "الإسلام هو الحل" وهو ما لم تقره الدساتير المصرية.

وهناك اتهام للجماعة فى تاريخها الذى يتضمن عددا من عمليات الاغتيالات السياسية التى أودت بحياة عدد من الزعماء والمسئولين المصريين، أمثال رئيس الوزراء المصرى بين عامى (1944- 1945) أحمد ماهر باشا الذى اغتاله محمود العيسوى أحد المنتمين للحزب الوطنى، بينما يؤكد البعض أن العيسوى كان ينتمى للإخوان، كما اغتيل رئيس الوزراء المصرى محمود فهمى النقراشى بين عامى (1945 - 1948)  والقاضى أحمد الخازندار الذى أصدر أحكاما قضائية على عدد من المتهمين فى جرائم المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، والذى تم اغتياله على يد أفراد من النظام الخاص بالجماعة، كذلك اتهم رفعت السعيد الجماعة بتفجير عدد من مراكز الشرطة المصرية فى العام 1946.

وألف الدكتور أيمن الظواهرى زعيم جماعة الجهاد الإسلامى فى مصر وزعيم تنظيم القاعدة كتابا بعنوان: "الحصاد المر: الإخوان المسلمون فى ستين عاما"، ينتقد فيه الجماعة بشدة ويتهمها بالخلل والانحراف ويعطى أمثلة على تأييد الإخوان للحكام فى مصر، ومواقفهم المؤيدة للدستور والديمقراطية ورفضهم العنف وقبولهم بالأحزاب العلمانية وغير الإسلامية، وقبولهم ومشاركتهم فى عمليات تداول السلطة والتنافس عليها سلميا، وقبولهم بالقوانين والأنظمة والتشريعات القائمة فى مصر والعالم الإسلامى.

ويجد الظواهرى أن الجماعة لم تكتفِ بعدم تكفير الحكام بغير ما أنزل الله، بل تجاوزت هذا الاعتراف بأقوالها وأفعالها بشرعية هؤلاء الحكام وتركت هذا الفهم يستشرى فى صفوفها، بل واعترفت الجماعة بشرعية المؤسسات الدستورية العلمانية والبرلمان والانتخابات والديمقراطية!! قائلًا: «رضيت جماعة الإخوان بالاحتكام إلى الديمقراطية وسيادة الشعب والانتخاب كطريق للتغيير والوصول إلى الحكم حتى قال حسن البنا: إن مؤاخذتهم على الدستور يمكن تغييرها بالطرق التى وصفها الدستور نفسه، أى الأسلوب الديمقراطى».

ويرى الظواهرى أن الجماعة نبذت العنف الذى هو الجهاد فى سبيل الله وتبرأت ممن يتبنون العنف ولو من أتباعها، ويعتبرها مخالفات شرعية كبيرة رافقت تأسيس الجماعة وقامت عليها ومتهما الجماعة بعدم جهاد الحكام معلقا على جهاد الإخوان فى فلسطين وحرب السويس: «ثم إن القتال فى فلسطين أقل وجوبا من قتال الحكام المرتدين؛ لأن قتال المرتد مقدم على قتال الكافر الأصلى، ولأن تحرير فلسطين والبلاد الإسلامية المحتلة يكون بعد إقامة حكم الله».
وانتقد عدد من المشايخ فى السعودية جماعة الإخوان المسلمين، وأغلبهم ينسبون إلى التيار السلفى منهم عبد العزيز بن باز ومحمد بن صالح العثيمين وغيرهم.

وتتركز هذه الانتقادات فى إهمال الجماعة للدعوة للتوحيد وتقصيرها فى محاربة عبادة القبور والبدع، وأنها جماعة حزبية عملها يؤدى إلى تفريق المجتمع إلى أحزاب وجماعات ومخالفتهم لأولياء الأمور.

واتهم الرئيس السابق مبارك جماعة الإخوان المسلمين بأنها "جماعة لها تاريخ إرهابى" وذلك فى حوار صحفى له مع مجلة دير شبيغل 2004، حيث قال: "إن جماعة الإخوان المسلمين لها تاريخ إرهابى لقد قتلوا واحدا من رؤساء الوزارة قبل الثورة لاختلاف آرائهم السياسية، وفى عام 1954 حاولوا قتل الرئيس جمال عبد الناصر وكرروا محاولاتهم عدة مرات".

وانشق بعض قيادات الجماعة عنها لممارساتهم التى رفضوها ومن أبرزهم من عرفوا بأعضاء حزب الوسط، وكان على رأسهم المهندس أبو العلا ماضى وهو عضو سابق فى الجماعة، وأيضا الدكتور محمد حبيب والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وهناك أيضا مختار نوح وثروت الخرباوى وآخرون، ولكن «الإخوان المسلمين» يردون على هذا بأن كل قرار يتم تنفيذه داخل الجماعة لا يتم إلا بالشورى. ومن الطبيعى أن يختلف الأشخاص فى الآراء، ولكن كما يوجد فى أى حزب هناك ما يسمى بالالتزام الحزبى ويعنى تنفيذ المنتمى للحزب لكل قرارات الحزب حتى وإن خالف رأيه الشخصى.

وأدرجت عدة دول جماعة الإخوان المسلمين ومنظمات مرتبطة بها "كمنظمة إرهابية" من بين هذه الدول روسيا الاتحادية التى أدرجت الجماعة فى 28 يوليو 2006 ضمن قائمة ضمت 17 منظمة تصنفها كإرهابية، كما أدرجت جمعية الإصلاح الاجتماعى الكويتية مستثنية حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبنانى من القائمة، وفى فبراير 2012  وبعد نجاح الإخوان فى مصر فى الانتخابات البرلمانية قالت روسيا: إنها مستعدة لإقامة علاقات بناءة مع جماعة الإخوان المسلمين.

كذلك اعتبر تقرير أمريكى صدر فى 2008 عن "المشروع الأمريكى الاستقصائى لمكافحة الإرهاب" بأن جماعة الإخوان "تستغل نشاطها لبناء قاعدة دعم كبيرة داخل الطبقات الفقيرة بمصر وأن لها دورا فى تعزيز الإرهاب ضد مصالح أمريكا" "وأنهم ما زالوا يتحركون برأى مؤسس الجماعة حسن البنا، بأن الإسلام سوف يسود العالم، وأنهم (الإخوان) يسعون إلى استعادة الخلافة الإسلامية".
الجريدة الرسمية