الحكومة وإدارة الأزمات
حكوماتنا السنية لم تدرك، منذ ثورة الشعب في 25 يناير 2011 وحتى وقتنا هذا، أن الشعب المصري لم يعد قاصرًا، ولا تريد الاعتراف بأنه قد بلغ سن الرشد، ولم يعُد يقدم ولاءات الطاعة وفرائض الانصياع للأمر الواقع، دون مناقشة قراراتها ودراسة تبعات هذه القرارات التي تعود إليه في المقام الأول إيجابًا أو سلبًا.
* وفي الوقت الذي يشيد فيه المرء بإنجازات الحكومة على أرض الواقع خلال السنتين الماضيتين، وبالمشروعات الكبيرة التي تقوم بها الدولة في أرجاء مصر، فإنه لا يغض الطرف عن إخفاقها في التعامل مع الكثير من الملفات ومعالجة عدد من الأزمات التي حاقت بالبلاد والعباد، ليس بداية بحادث الطائرة الروسية مرورًا بمقتل الطالب الإيطالي وليس انتهاءً بالإعلان عن "سعودية" جزيرتي تيران وصنافير.
* بداية ونهاية وبداهة، نؤكد وطنية كل مصري في موقع المسئولية أو غير ذلك، ولا نشكك أبدًا في سوء نيات ممن هم في سُدة الحكم أو على هامش الحياة المصرية، غير أن المفاجأة التي ألقتها الحكومة في وجه المصريين بأن جزيرتي تيران وصنافير سعوديتان، خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر مؤخرًا، كشفت بل أكدت عددًا من الحقائق في البلاد.
* الحكومات المصرية عبر تاريخها المعاصر تعمل بمنأى عن الشعب دون إشراكه أو حتى إطلاعه على ما يدور في كواليسها ومكاتب وزرائها، وأنها تفكر وتخطط وتقرر بمعزل عن المواطنين، وأن الحكومة الحالية تسير على نفس النهج غير مدركة أن الزمان قد تغير والشعب أيضًا.
* تفتقد الدولة لعلم إدارة الأزمات وتفتقر للكفاءات التي يمكن لها وبها إدارة الأزمة والخروج منها دون خسائر أو أقلها، وتتعامل مع الأزمات بالبيروقراطية المصرية وبعقلية وفكر الموظفين الرسميين.
* لا تزال الفوضى ضاربة في الإعلام المصري، خاصة الفضائي، دون ظهور بادرة للقضاء عليها أو حصارها على الأقل، ووضع القوانين والقواعد والأسس والمواثيق للإعلام المهني السليم، في الوقت الذي لا يقوم فيه إعلام الدولة الرسمي بالدور الناجع انتظارًا للتعليمات والتوجيهات.
* لقد أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي بمثابة الرأي العام المؤثر على الحكومة وليس فئات الشعب المختلفة في الشارع المصري التي لا تعرف "السوشيال ميديا" وأضحت الحكومة ضحية لشريحة صغيرة من المواطنين والكثير منهم من العابثين واللاهين والمغيبين والمنقادين.
*وأخيرًا.. لقد شرح الرئيس عبد الفتاح السيسي في حديثه أمام مجموعة من ممثلي فئات المجتمع، الأربعاء الماضي، عددًا من الملفات التي كانت محل اهتمام الرأي العام خلال الفترة الماضية، بصراحة ووضوح، وأكد أنه لن يخذل المصريين أو يتخلى عنهم، فهل تعي حكومتنا هذه الرسالة وتتواصل مع المواطنين؟