رئيس التحرير
عصام كامل

"الصهيونية الثقافية" من أين وإلى أين؟!

الناشط الفرنسى برنارد
الناشط الفرنسى برنارد ليفي

فيما تتصاعد حملة الترويع الإسرائيلى ضد ساسة ومثقفين ومبدعين كبار على مستوى العالم بصورة ملفتة فإن الظاهرة التى تقترن بما يسمى "بالصهيونية الثقافية" باتت مثيرة لمزيد من التساؤلات لعل أهمها:"الصهيونية الثقافية من أين وإلى أين" و"ماذا عن أعلام ورموز هذا التيار" و"ما علاقته بالثورات الشعبية العربية"؟!.


ولسنا فى حاجة للتأكيد من جديد على أن العرب هم مثل اليهود من الساميين، كما أنه غنى عن البيان أن الديانة اليهودية هى ديانة سماوية تحظى بكل الاحترام، اما الصهيونية فهى حركة سياسية عانى العرب من أفكارها وممارساتها، بل إنها فى قلب المظلومية التاريخية التى تعرض لها شعب بأكمله هو الشعب الفلسطيني.

ومن أهم الأسماء التى تعبر عن تيار الصهيونية الثقافية اليوم وتثير العديد من التساؤلات الكاتب والناشط الفرنسى برنارد ليفى الذى لايتورع عن اتهام الإسلام كدين بالفاشية دون أن يتعرض فى الغرب لعواصف غضب كتلك التى هبت من هناك مؤخرا على الزعيم التركى رجب طيب أردوغان، عندما وصف "الصهيونية بالفاشية" وقال: إن الصهيونية ارتكبت جرائم ضد الإنسانية تماما كالفاشية!.

وفى كتابه الجديد عن الثورة الليبية بعنوان "الحرب دون أن تحبها .. يوميات كاتب فى قلب الربيع العربي" يتحدث برنار هنرى ليفى عن تأثيره الكبير على الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى لاتخاذ القرار بالتدخل العسكرى فى ليبيا وإسقاط نظام معمر القذافي، وينتمى لما يعرف "بحركة الفلاسفة الجدد".


وإذا كان برنار ليفى حرص على زيارة ميدان التحرير فى قلب القاهرة لتلتقط له صور تذكارية فى هذا المكان برمزيته الثورية السامية، فهو لم يكن بعيدا عن أحداث خطيرة فى أفغانستان ودارفور فيما يسرد فى كتابه الجديد يومياته عن الثورة الليبية وهو الذى لم يتحرج من أن يجهر بالقول أمام مؤتمر نظمه مجلس المنظمات اليهودية فى فرنسا: "لقد شاركت فى هذه المغامرة السياسية بصفتى يهوديا".

وربما يحق التساؤل فى هذا السياق :"هل من علاقة بين محاولة القاء ظلال من الشكوك على الثورات الشعبية العربية بأسماء مثل برنار هنرى ليفى وبين اتجاه فى الصحافة الإسرائيلية يتحدث بصيغ متنوعة عما يسميه بحنين الشعوب العربية لزمن ماقبل هذه الثورات، ويستند فى ذلك بالطبع لأعمال العنف وأحداث الشغب وعدم الاستقرار فى دول الربيع العربي؟!.

وواقع الحال أن مثقفين فرنسيين من أصحاب القامات العالية تصدوا لمغالطات ليفى مثل عالم الاجتماع الشهير ريمون آرون الذى فند أباطيل كثيرة فى كتاب "الايديولوجية الفرنسية" كنموذج لتحيز وعنصرية برنار ليفي، وكذلك الفيلسوف بيير فيدال الذى حدد عبر تشريح موضوعى لكتاب برنار ليفى "وصية الله" الصادر عام 1978 الأخطاء التى وقع فيها ليفي، بل إنه اعتبر هذا الكتاب بمثابة نوع من الدجل الفكرى, إن جاز ذلك التعبير.

الجريدة الرسمية