رئيس التحرير
عصام كامل

أزمة الدولار والإيدز الاقتصادي

فيتو

من منا لم يصبه القلق من الانهيار المتسارع في قيمة الجنيه.. من منا لم يتساءل عن الأسباب وعن الوسائل، وهل نحن على الطريق الصحيح أم أننا نعيد إنتاج مسرحية سكة السلامة.


أزمة تدهور قيمة الجنيه المصري (أو ما يسمى بأزمة الدولار) وما نتج عن ذلك من موجة غلاء ونقص في بعض السلع المعروضة في الأسواق بل واختفاء بعضها ناهيك عن حالة ارتباك عامة أصابت المتعاملين في الأسواق سواء كانوا منتجين أو تجار أو مستهلكين هي العرض وليست المرضد.

وللأسف فإن فشل الإدارة الاقتصادية في مصر هو السبب الرئيسي والمباشر في انتشار حالة الايدز الاقتصادي الذي اصاب مصرنا الحبيبة والذي تظهر أعراضه واضحة وأشهرها وأوضحها تدهور قيمة الجنيه.

وفي رأيي أن السبب الأول فيما حل بنا من تدهور أراه بمثابة حالة ايدز اقتصادية هو الخلط بين الإدارة الاقتصادية للبلاد والإدارة المالية لموارد الحكومة... فالشاهد أن القائمين على أمورنا يضعون أمام أعينهم عجز الموازنة وكأنه المرض بينما المرض الحقيقي هو الوهن الاقتصادي الناتج عن فشل الحكومة في إدارة الاقتصاد.

الموازنة العامة للحكومة تنحصر في ايرادات ومصروفات الحكومة ويظهر عجز الموازنة في مصر نتيجة أن مصروفات الحكومة تزيد عن إيراداتها وتضطر الحكومة إلى تغطية العجز من خلال الاقتراض بوسائله وآلياته المختلفة من الداخل والخارج إلى جانب بعض المعونات التي نحصل عليها من دول أخرى، وهنا اتجهت الحكومات المتعاقبة للنظر في بند الايرادات والعمل على تعظيم تلك الايرادات عن طريق فرض انواع جديدة من الضرائب مثل الضريبة العقارية والضريبة على الارباح الرأسمالية وتعديل بالزيادة في ضرائب الدخل وضريبة المبيعات على بعض السلع والجمارك المفروضة على بعض السلع ولكن ذلك لم ولن يؤدي للزيادة المتوقعة في الدخل الحكومي لأن لتلك الإجراءات اثر سلبي على السوق وبالتالي فإن النسبب ترتفع بقرارات الحكومة بينما الايرادات لن ترتفع لانخفاض حجم أعمال الممولين من دافعي الضرائب والجمارك.

وفي هذا المجال كان الاجدر بالحكومة أن تسلك الطريق الصحيح والاصعب لعلاج العجز في الموازنة وهو مراجعة المصروفات وترشيدها والارتفاع بمستوى جودة الانفاق والعمل على تعظيم الاستفادة من مصروفات الحكومة وهذا هو الحل الأمثل للتغلب على عجز الموازنة وتحسين مستوى الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطن.

إلى جانب مراجعة كفاءة الانفاق الحكومي ونسبة الاستفادة المتحققة من تلك المصروفات الباهظة يتحتم على أي حكومة العمل بالتوازي على توسيع قاعدة الممولين الضريبين ودمج الاقتصاد الغير رسمي في الاقتصاد الرسمي وتقنينه عن طريق حزمة من الإجراءات والقوانين والتعديل في بعض القوانين القائمة كما يتعين أيضا على الحكومة العمل الجاد وبكفاءة على تحسين مناخ الاستثمار سواء في العموم أو بشكل تخصصي في المجالات الاستثمارية المختلفة حتى نستطيع جذب الاستثمار الداخلي والخارجي على السواء من أجل توفير فرص العمل المطلوبة وتحقيق النمو في الناتج القومي الإجمالي وزيادة الصادرات.

الجريدة الرسمية