بيان كيري.. وهل تقبل أمريكا بمخالفة قانونها؟!
جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، قال في بيان اعتدنا أن يصدر عنه.. إنه يشعر بقلق عميق من تدهور حقوق الإنسان في مصر بعد قرار إعادة التحقيق بشأن المنظمات الحقوقية الأجنبية الممولة من الخارج في مصر.. الأمر الذي دعا نظيره المصري سامح شكري للرد بلهجة شديدة قائلًا: لا نقبل وصاية أي جهة أجنبية، وبإمكاننا انتقاد حقوق الإنسان في بلدكم، ولدينا 40 ألف منظمة مجتمع مدني تلتزم الحكومة المصرية بتمكينها من العمل، وإن الشعب المصري هو وحده من يملك الحق في تقييم أوضاعه في مجال حقوق الإنسان، وإن مصر حريصة على احترام القانون وتفعيل الدستور.. والمسئولية تقع على الشعب المصري للحكم على هذا الأمر..
لم ينس وزير الخارجية أن يؤكد أن لدول العالم قوانين تحكم نشاط هذه المنظمات، وتحمي أوضاعها الداخلية وأمنها استقرارها.. إلا أن أموال تلك المنظمات يجب أن تذهب للوجهة الصحيحة، وألا تكون لمصلحة أشخاص تنطوي ممارساتهم على إضرار بدولهم، وأن يجرى إنفاق هذه الأموال تحت رقابة أجهزة قضائية ورقابية مستقلة.
المدهش أن المنظمات المشبوهة المتورطة في التمويل الأجنبي لم تكتف بإرسال تقاريرها عن حالة حقوق الإنسان في مصر للاتحاد الأوروبي والمفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، بل طالبت بحصار مصر اقتصاديًا، وحجب المساعدات عنها وحفظ قضية ما، وتعديل قانون التظاهر، وكذلك تعديل تعريف التعذيب بقانون العقوبات.. فهل الإضرار بمصر وسمعتها وحصارها اقتصاديًا يخدم حقوق الإنسان.. ولماذا الإصرار على تسييس تلك الحقوق وإغفال الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لحساب الحقوق السياسية والمدنية رغم أن الأولى بهؤلاء أن يهتموا ببناء الإنسان وحفظ حياته وصحته وحقه في السكن والحياة أم أنها أجندات الممولين لتلك المنظمات التي تحاول لعب دور سياسي تحت ستار حقوق الإنسان..؟!
وإذا كانت أمريكا تزعم أنها راعية لحقوق الإنسان والديمقراطية حول العالم، وهو زعم تتهاوى مصداقيته على صخرة ازدواجية معاييرها وإصرارها على تسييس ورقة حقوق الإنسان، واتخاذها ذريعة للتدخل في شئون مصر وخصوصياتها في محاولة لإخضاعها وفرض الهيمنة عليها، مستخدمة أدوات كثيرة لتحقيق ذلك، وعلى رأسها منظمات حقوق الإنسان.. فهل تقبل أمريكا بمخالفة قانونها وتمويل منظمات أجنبية للعمل على أراضيها دون رغبة منها أو ضد مصالحها، وبعيدًا عن رقابتها.. وإذا لم تقبل -وهي حتمًا لن تقبل- فكيف ترضى لغيرها بما لا ترضاه لنفسها.. أتأمر غيرها بالبر وتنسى نفسها..
وهل إثارة الفوضى والقلاقل ونشر الاضطرابات والتجسس على الدول ومحاولة الهيمنة عليها وإخضاعها باستخدام تلك المنظمات التي تقدم تقاريرها لجهات أجنبية بشأن أوضاع مصر السياسية والاقتصادية والعمل على زعزعة استقرارها ومحاولة تقسيمها إلى دويلات على أسس طائفية وعرقية هو الهدف الذي تسعى إليه؟ أين حقوق الإنسان في التعدي على سيادة مصر، والإضرار بمصالحها القومية وتعريض سلمها الاجتماعي للخطر وإحداث انقسامات بين أبنائها..؟!