رئيس التحرير
عصام كامل

ضربة معلم.. الدولار يتراجع أمام الجنيه!


عنوان خبر أثار فضولي لمتابعته.. جولة جديدة من جولات تذبذب سعر الدولار في السوق المصرية صعودًا وهبوطًا كمسلسل درامي ذي أحداث شيقة يتابع فيها الجمهور بطلهم الطيب "الجنيه" في مواجهة عدوه الشرير "الدولار" في أحداث مثيرة بين قرارات البنك المركزي المصري ومافيا السوق السوداء للدولار التي تلاعبت في الفترة الأخيرة بأسعار صرف الدولار ورفعت قيمته لمعدلات غير مسبوقة في فترة زمنية وجيزة، وكانت أخبارًا قد تواترت مفادها أن هناك من يتلاعب في الخارج بسعر صرف الدولار عن طريق شراء العملة الدولارية من المصريين بالخارج بأسعار أعلى من المعروضة في السوق المصرية أملا في منع تدفق العملة الصعبة لمصر ورفع مستوى الحصار الاقتصادي، كنوع من التضييق والضغط والتنكيل بالسياسات المصرية المتبعة في النظام المصرفي.


كنت أتابع وأستمع كثيرًا لآراء بعض الخبراء الاقتصاديين والمصرفيين وانتقاداتهم قرار البنك المركزي في تحديد سقفي الإيداع والسحب الدولاري بالبنوك المصرية، والذي أدى لتلك الحالة الجنونية في سعر الدولار وتراجع بطلنا الجنيه المصري أمامه.. وكنت أتساءل بيني وبين نفسي هل الجهاز المصرفي في مصر بخبرائه الاقتصاديين والمصرفيين الذين هم على كفاءة عالمية متميزة غير مدركين خطأ هذا القرار تسببه في تلك الحالة الجنونية في سعر الصرف في السوق المصرفية؟ 

ناهيك عن تبعات ذلك على السوق المصرية نتيجة ارتفاع الأسعار بحجة ارتفاع سعر الدولار، وبالتالي المزيد من الأعباء على المواطن البسيط، وقد شجع هذا تجار السوق السوداء على تسريع عملية اكتناز الدولار وشرائه أملا في تحقيق مكاسب أكثر واستغلالا لتلك الحالة الجنونية في سعر الدولار، وتنفيذ مآربهم الأخرى في النيل من الوطن وإعاقة عجلة التنمية وإيهام الناس بفشل سياسات النظام في إدارة مصر.

ثم كانت المفاجأة التي نزلت كالصاعقة على رءوس هؤلاء حين قام البنك المركزي المصري بتعديل القرار وفتح سقف الإيداع والسحب على الدولار لمستوردي السلع الاستراتيجية، وبعدها بدأت موجة الهبوط الحاد الذي استنزف كثيرًا من أموال المضاربين وأصحاب النفوس المريضة التي كانت تحارب الاقتصاد المصري من خلال التلاعب بسعر الدولار وألحق بهم خسائر فادحة، وها نحن في انتظار جولات جديدة في أحداث هذه المعركة.

لقد أدركت كمواطن مصري يثق في قيادة بلاده، أن اتخاذ القرار الأول لربما كانت غايته إحداث تلك الحالة التمثيلية كنوع من التضليل المدروس غايته توجيه ضربة قوية لمافيا الدولار والمتربصين بمصر، من خلال سحب القرار الأول وتعديله فجأة وإصدار القرار الثاني الذي أربك سعر الدولار انخفاضًا مقابل الجنيه، واستشعرت رضا في نفسي وازددت اطمئنانًا وثقة في أن خبراءنا بخير وأنهم على المستوى المطلوب في إدارة النظام المصرفي المصري، وكانت هذه الخطوة بمثابة ضربة المعلم التي تظهر في وقت الجد ليقف كل من هب ودب عند حده ويعرف حجمه الحقيقي.

سيظل مسلسل المضاربة بالعملة قائمًا صعودًا وهبوطًا، تبعًا لأبجديات السوق وقاعدة العرض والطلب، حتى ينال اقتصادنا الوطني قوته من زيادة الإنتاج والتصنيع من أجل تقليل الفجوة الكبيرة بين عملية الاستيراد والتصدير لصالح التصدير.. ولا شك أن معركة التنمية الحقيقية التي تجري الآن على أرض مصر، والتوسعات الهائلة في البنية التحتية والأساسية من خلال المشروعات الوطنية الكبرى الآن على أرض مصر لهي كلمة السر ومفتاح النجاح لإحداث نهضة حقيقية وقوية للاقتصاد المصري.. حفظ الله مصر بسواعد شبابها وعقول خبرائها واتحاد شعبها خلف قيادتها الحكيمة.
الجريدة الرسمية