المحاذير المحمودة في الإعلام !
وسط الكم المتزايد من التغطيات الإعلامية لآخر الأخبار والتطورات المحلية والإقليمية والدولية التي وقعت خلال الأسابيع القليلة الماضية، أثار انتباهي أمران.. الأول: العاصفة القوية التي ضربت دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل غير مسبوق وخلفت خسائر مادية كبيرة، وأثار انتباهي مناشدة ووجهت لوسائل الإعلام المختلفة بعدم تداول صور الخسائر التي نتجت عن العاصفة، وتضمنت المناشدة عبارة رائعة قال كاتبها: رجاء عدم تدوال أو نشر صور الخسائر كي لا تستغل هذه الصور في الإساءة لبلدنا.
الأمر المثير للاحترام أن وسائل الإعلام الإماراتية كافة التزمت بالمناشدة ولم يتم نشر أي صورة تجسد الخسائر التي نجمت عن العاصفة، الأكثر إثارة للاحترام، هو خروج العديد من مواطني الإمارات إلى الطرق والشوارع التي ملأتها الأشجار المدمرة ومياه السيول وبدءوا دون أن يطلب منهم أحد في إزالة كل ما يعوق الطرق بكل هدوء ودون إعلام.
الأمر الثاني هو إقدام السلطات التركية على إغلاق موقع تويتير وفيس بوبك عقب الانفجار الذي وقع بمدينة أنقرة قبل أيام قليلة وخلف عدد كبير من القتلى والمصابين، واستهدفت السلطات ألا تنشر وسائل التواصل الاجتماعي صور الضحايا أو الخسائر، بشكل قد يصدم المشاعر أو يسيء للدولة !
وبصرف النظر عن مدى تقبل أو رفض التضييق الإعلامي في الحالتين إلا أنني أعتقد أن هاتين الحالتين يوجبان على وسائل إعلامنا أن تدرك أن القاعدة في ضرورة الإعلام عن كل ما يجري، قاعدة مهمة، ولكن في بعض الأحيان لابد أن يكون هناك استثناء من هذه القاعدة.
إعلاميو الزند
أتعجب من كثيرين، يتعالون علينا وعلى الشعب المصري كله، بأنهم هم من صنع ثورة الثلاثين من يونيو عام 2013، من أولئك سياسيون وإعلاميون ورموز يحسبون أنفسهم على النخبة!
فقد تابعت مؤخرًا ردود أفعال محبي ومؤيدي ومريدي المستشار أحمد الزند، وزير العدل المُقال، وبصرف النظر عن السبب الحقيقي للإقالة، فقد كانت ردود أفعال أولئك المحبين للرجل غريبة جدًا، وخصوصًا الإعلاميين منهم، فقد اتفقوا دون أن يتفقوا أوربما يكونوا قد اتفقوا، لا أعلم! فقد أعلنوا جميعًا رفضهم إقالة الرجل بدعوى أنه أحد صناع ثورة يونيو ولا يجب مطلقًا أن يحاسب تقديرا لمواقفه في عهد الإخوان ولمواقفه الداعمة ثورة الثلاثين من يونيو، وبالغ كثيرون من الإعلاميين في رفضهم بأن أعلنوا أن الرئيس والحكومة أخطأوا بالإقدام على إقالة الرجل، وحذر إعلاميو الزند من التأثيرات السلبية لإقالة من قالوا إنهم خدموا مصر!
ولأولئك أقول إن ثورة الثلاثين من يونيو، ومن قبلها ثورة الخامس والعشرين من يناير، لم يصنعها سوى غالبية الشعب المصري الذي خرج إلى الشوارع والميادين وأسقط نظام حكم مبارك ومن بعده حكم الإخوان، وبفرض أن إعلاميا أو سياسيا أو أكثر من هنا أو هناك طالب أو نادى بالثورة فليس لهم أن يتعالوا على الشعب المصري، وليس لهم أن يطالبوا بمزايا ومقابل، نظير مواقفهم تلك، وإلا وبمنطقهم هذا، فلابد إذن من تكريم مبارك وحبيب العادلي ومحمد مرسي والإخوان فقد كانت ممارسات كل منهم في الحكم سببًا رئيسيًا في إشعال كلا الثورتين !