رئيس التحرير
عصام كامل

د. حلمى الحديدى: الطب بمصر ينهار وأي واحد يصحى ممكن «يلاقي نفسه» وزير صحة

فيتو

  • الطب في مصر ينهار ويحتاج حملة إغاثة 
  • لا يوجد في الدنيا علاج "ببلاش"
  • لايمكن أن يقوم التأمين الصحى على اشتراك بثمن عبوة أسبرين
  • نظام التأمين الصحى الشامل ضرورة من أجل الفقراء والمحتاجين 
  • لو كنت وزير صحة لما حدثت أزمة الأطباء وأمناء الشرطة
  • اختيار وزير الصحة يتم بدون معايير
  • قدمت استقالتى لمبارك لأن الحكومة كانت بتضرب في بعضها 
  • الرئيس الأسبق قال لى: اصبر شهرين.. بعدها شال الحكومة كلها
  • نقابة الأطباء صعدت مهنيا ولا أريد اتهامها بالتصعيد سياسيا 
  • ميزانية وزارة الصحة كانت 400 مليون جنيه منها 267 مليون رواتب وأجور
  • انتهيت من معهد ناصر وتم افتتاحه بعد أن ظل 22 عاما مبنيا من الطوب
  • أنا صاحب إنجازات مستشفيات الهرم والتأمين الصحى والهلال والمنيا الجامعى 
  • أنهيت إضراب الصيادلة في عهدى بسبب الخلاف مع "المالية" قبل أن يبدأ 
  • مستوى خريج الطب الآن يحتاج لإصلاح وتطوير 
لم يكن في برنامجه أن يكون وزيرا، وقبل الوزارة في حكومة على لطفي والتي استمرت سنة وشهرين و5 أيام وخرج مع أول تغيير، وكان قد قدم استقالته للرئيس الأسبق مبارك في مايو عام 1986 لعدم تآلف الحكومة وكان أعضائها "بيضربوا في بعض" وهو – كما يقول - لايمكن أن يعمل في مثل هذا الجو.

ولكن مبارك طلب منه أن يستمر لحين إجراء تعديل وزارى في نوفمبر 1986 ورغبة منه في عدم إثارة المشكلات قبل البقاء في الحكومة حتى التعديل الوزارى.
عندما كان وزيرا عانت مصر من مشكلة الفشل الكلوى واستطاع حلها في أقل من 3 شهور وانتشرت مراكز غسيل الكلى في كل مصر بجهود ذاتية.
إنه الدكتور حلمى الحديدى، وزير الصحة الأسبق، أستاذ جراحة العظام بكلية الطب جامعة القاهرة.. تولى مسئولية وزارة الصحة في الفترة من 5 سبتمبر 1985 حتى 10 نوفمبر 1986.
وشهد عهده، على قصره، الكثير من الإنجازات.. والآن بعد أن تجاوز الثمانين، ولا يزال يمارس المهنة.. من البديهي أن تكون لديه الكثير من الرؤى والأفكار، والنصائح التي يمكن أن يسديها إلى صناع القرار في مصر.. استضافته "فيتو" في صالونها لتستعرض تجربته أثناء توليه المسئولية، وتستمع إلى نصائحه ورؤاه، إضافة إلى آرائه في الأوضاع الصحية والمجتمعية ويضع روشتة للإصلاح.

* بداية هل كانت الدولة تهتم بالمنظومة الصحية أثناء توليك مسئولية وزارة الصحة عام 1985 ؟
في الحقيقة، كنت أعتمد على الجهود الذاتية.. ومثال ذلك مراكز العلاج بالفشل الكلوى التي افتتحت في عهدى نظرا لأن الفشل الكلوي حينها كان مستشريا، وكان يمثل مشكلة، فتم إنشاء مراكز للعلاج في كل المحافظات اعتمادا على الجهود الذاتية، حتى تمكنا من مواجهة المرض.

* وماذا عن ميزانية الصحة آنذاك؟
- كانت الدولة تضع ميزانية للصحة لاتتجاوز 400 مليون جنيه عام 1985 و1986 ينفق منها 267 مليون جنيه أجور ومرتبات ولكم أن تتصوروا الباقي، وفي السنة التي توليت فيها وزارة الصحة انتهينا من معهد ناصر بعد أن كان بدا العمل به حينها منذ 22 سنة في عهد جمال عبدالناصر وكان طوبا أحمر وافتتح في يناير 1987، بالإضافة إلى الانتهاء من مستشفيات متعددة منها مستشفى الهرم والهلال الأحمر ومستشفي النصر في بورسعيد ودمياط التخصصي والمنيا الجامعى ومستشفي التأمين الصحى في مدينة نصر وافضل مستشفيات مصر الآن تلك المجموعة التي افتتحت في عهدى.

*هل المرضي في الوقت الحالى يحصلون على خدمة طبية جيدة وراضون عنها في رأيك؟
المريض غير راض عن أداء الخدمة الصحية في مصر ولا أنا راض، فالخدمة الصحية مكلفة وكأى خدمة لابد من دفع ثمنها ولا يوجد في الدنيا شيء مجانا أو "ببلاش" سواء علاج أو غيره ويجب أن يتم دفع تكلفة الخدمة سواء من خلال الحكومة في النظم الاشتراكية أو المواطن بأسلوب مباشر أو غير مباشر.
كما أن الخدمات الطبية متسارعة النمو والتقدم والتطور وتخضع لأسعار السوق فضلا عن الأجهزة والتحاليل والمواد المستخدمة مرتفعة الثمن ولابد من وجود إمكانية للتقدم والتطور وفق تطور الزمن ليصبح من حق المريض الحصول على خدمة أفضل، ونحن في نظام رأسمالى فكيف نقول إن الخدمة تقدم مجانا والدولة تتكفل بالعلاج.


* وزارة الصحة حاليا تسعى إلى إنشاء هيئة التدريب الإلزامى للفريق الطبي لتحسين مستوى الخريجين؟
"احنا زهقنا" من الهيئات والشهادات وكل ذلك لدينا مطبق، فالزمالة المصرية تم إنشاؤها في عهد وزير سابق ومسألة التعليم الطبي ليست في الهيئات ولكن تكمن فيما يتم تدريسه للطالب في الجامعة والبعثات التي ترسل للخارج وكم عالم تم استقدامه إلى مصر، فالتعليم ماهو إلا برامج وبعثات وتطوير وامكانيات متاحة، هل كل ذلك متوفر في مصر الإجابة لا، وأنا أرى أن هناك قصورا في التعليم الطبي أي قصور في قدرات الخريجين، واصبحت المصالح الخاصة تحكم الكثير من الأطباء وكل ذلك معوق للخدمة الطبية في مصر وأداء المستشفيات هو نتيجة لكل ما سبق ويجب بذل ضعف المجهود من الأطباء والفريق الطبي في المستشفيات.

*ما رأيك في أسلوب اختيار الوزراء؟
اختيار الوزير في حد ذاته بدون معايير.. أي واحد ممكن يصحى "يلاقي نفسه الصبح" اصبح وزيرا ليس لديه رؤية ولا دارسة للوضع الصحى بصورة قوية ولا يعرف مشكلات المنظومة الصحية، وفي النظم الديمقراطية يوجد أحزاب قوية متنوعة لديها حكومات ظل ووزير متابع للأشطة في كل ملف ولكن في مصر لا يوجد ذلك.

*هل يمكن المقارنة بين العهد الحالى وعهدك أثناء توليك مسئولية وزارة الصحة عام 1986؟
لا يوجد مقارنة بين النظامين لأن الناس غير الناس ولا الإمكانيات كما هي ولا المجتمع كما هو كل شيء تغير.

*وما رؤيتك المستقبلية للطب ومنظومة الصحة في مصر؟
المستقبل الطبي في مصر إذا استمر الوضع كما هو عليه الآن سوف ينهار ولابد من وجود حملة إغاثة له لإنتشال الوضع مما هو فيه وإلا يعجز الجميع عن العلاج، واذا كنا ليبراليين وديقراطيين يجب التفكير في الفقراء والمحتاجين ومن هنا تأتى أهمية نظام التأمين الصحى الشامل وهو نظام تكافلي يساهم فيه كل المواطنين ومن لايستفيد منه، يستفيد الآخرون من اشتراكاته.
وفي الحقيقة لايمكن أن يقوم التأمين الصحى على اشتراك 7 جنيهات في السنة من صاحب العمل والمنتفع أي مايقرب من 14 جنيها، ليس ثمن عبوة أسبرين، فلايجوز ذلك، يجب أن تحسب التكلفة الحقيقية حسابا جيدا كما أن الأجور المتدنية بين الفريق الطبي ويجب إصلاحها ورفعها.
والمستقبل هو وجود نظام تأمين صحى قوى ينظر في تقديم خدمة متميزة لكل المواطنين يشارك فيه كل المواطنين واشراكاتهم حسب التكلفة وتكون أجور العاملين فيه متكافئة مع الجهد المبذول، وكل ذلك مكلف وكثير من الدول لا تستطيع القيام بذلك ولكن مالايدرك كله لايترك كله، ولا يمنع وجود تأمين صحى شامل وجود نظام العلاج الخاص والمستشفيات والعيادات الخاصة ويكون مسموحا به بحرية للمواطن الذي يريد العلاج الخاص ولكن يشترك الكل في نظام التأمين الصحى.

*ولكن قانون التأمين الصحى الشامل تم اعداده منذ سنوات وتسعى الحكومة لتطبيقه لكن لا يطبق؟
القانون الحالى متعثر لعدم وجود امكانيات ومشكلته أنه مكلف وليس معنا الأموال التي تغطيه.

*حدثنا عن كيفية إختيارك وزيرا للصحة عام 1985؟
ظروفى كانت مختلفة، كنت عضوا منتخبا في مجلس الشعب وأتابع الملف الصحى وانا عضو في مجلس الشعب ولى علاقة قوية بما يجرى في ملف الصحة وعرضت على الوزارة أكثر من مرة وكنت أرفض لأنه لم يكن في برنامج حياتى أن أكون وزيرا وقبلت الوزارة في حكومة على لطفي والتي استمرت لمدة سنة وشهرين و5 أيام وخرجت مع الحكومة.

*كيف خرجت هل قدمت إستقالتك ؟
كنت قد قدمت استقالتى للرئيس مبارك في مايو عام 1986 ولكن الرئيس طلب منى أن أستمر إلى أن يتم إجراء تعديل وزارى في نوفمبر 1986 ولم يكن لدى رغبة في اثارة المشكلات وقبلت البقاء في الحكومة حتى التعديل الوزارى.

*لماذا رغبت في تقديم الاستقالة ؟
لأنه حينها لم يكن يوجد تآلف في الحكومة بين أعضائها كانوا "بيضربوا في بعض" وأنا لا يمكن أن أعمل في جو مثل ذلك.

*هل تابعت أزمة نقابة الأطباء الأخيرة ؟
تابعت أزمة نقابة الأطباء عن بعد وسيظل الوضع كما هو مالم يطبق الروشتة التي وضعتها لإصلاح المنظومة الصحية والوضع الطبي في مصر والضيق بالحياة يجعل الإنسان يعمل بدون دافع ويجب أن نحب بلدنا وعملنا.

*وماذا لو حدثت تلك المشكلة في عهدك ؟
لو كنت وزيرا للصحة لن اسمح بأن تحدث المشكلة من الأساس وكنت تعاملت بحزم وحسم دائم، والهدف من الطب الوقاية من الأساس ومنع المشكلات وكانت المشكلة سببها أمين شرطة يريد تقريرا وفق هواه والطبيب رفض مثلا وكان من الاصل أن مهمة التقارير الطبية في الإدارة وليست لدى الطبيب وعليه أن يكتب رؤيته ويرسلها للإدارة ومنع أي صلة بين الطبيب والمواطن والمريض.

*وماذا لو وقعت بالفعل كيف كنت ستتعامل معها ؟
إذا وقعت أتواصل مع وزير الداخلية الذي عليه أن يعتذر عن من اخطا ويعوض من أصيب ووزير الداخلية دائما لا يريد أي مشكلات تقع.

*هل ترى أن النقابة صعدت الأمر سياسيا؟
النقابة صعدت مهنيا ولا اريد اتهامها بأنها صعدت الأمر سياسيا، وكان سبب التصعيد أنها لم تجد حلولا حاسمة.
وأذكر أننى عندما كنت وزيرا للصحة كنا نعانى من مشكلة الفشل الكلوى في مصر بشكل رهيب واستطعت حل المشكلة في أقل من 3 شهور وانتشرت مراكز غسيل الكلى في كل مصر بجهود ذاتية والأن لم نسمع عنه كمشكلة هو مرض موجود ولكن فرص العلاج متاحه للمرضي، وفي عهدى وقع خلاف بين الصيادلة ووزارة المالية لأنهم كانوا يريدون تطبيق ضريبة موحدة ووزير المالية كان رافضا فقرروا الإضراب وغلق كل الصيدليات الحرة فأصدرت قرارى بأن تفتح كل صيدليات المستشفيات الحكومية أبوابها للمواطنين وتصرف لهم العلاج وثانى يوم تم فتح الصيدليات.

*معنى ذلك أنك لست مع الإضرابات التي ينظمها الأطباء والفريق الطبي؟
نحن نتعامل مع مرضي ليس لهم ذنب وليس لهم علاقة بالضرائب في مشكلة الصيادلة ووزارة المالية التي حدثت في عهدى فلماذا يعاقب من لم يخطىء ولا يجب أن يضار إنسان لم يكن شريكا في الضرر.

*ولكن في وقتنا الحالى كل الفئات تلجأ للتصعيد لتنفيذ مطالبها؟
انا ضد التصعيد في أي شيء من أجل مصر، واؤمن بالعدل وبحق الإنسان في العلاج ولايجب أن يضار مريض بسبب لم يكن مشاركا فيه، ماذنب المريض؟ ومن وجهه نظرى لا يمكن معاقبة إنسان لم يكن شريكا في الخطأ إذا لم يفهم كل الفريق الطبي ذلك يجب أن نفهمهم وإذا لم يفهموا ذلك ويفعلوه يجب أن نعاقبهم، فالدول لا تدار بالفوضي وأنا مع كل مواطن يستحق العلاج ومع كل طبيب يأخذ حقه.

* هل حدثت مشكلات بينك وبين الإعلام عندما كنت وزيرا؟
- أذكر أن الكاتب الكبير أنيس منصور، رحمه الله.. كتب نحو 6 مقالات في الأهرام انتقدني، و"شتمني" فيها.. بسبب اختفاء قطرة تسمى "بريزولين" كانت مشهورة جدا، وقتها.. وطالبني مبارك بالرد، فأجبته بأنني كلفت رئيس هية الرقابة على الصناعات الدوائية للرد فهذا اختصاصه.. فضحك وسكت.. وبعدها فوجئت برئيس الهيئة يعرض عليّ فاتورة بـ 200 علبة اشتراها أنيس منصور، ليستخدمها كحافظ للعدسات التي كان يستخدمها.
الجريدة الرسمية