رئيس التحرير
عصام كامل

درس مصري للأمريكان!


في مذكراتها التي اختارت لها عنوان «اختيارات صعبة» اختتمت هيلاري كلينتون التي تخوض السباق الرئاسي في أمريكا الآن حديثها عن مصر بالقول: «ولم تبد آفاق الديمقراطية المصرية مشرقة عام ٢٠١٤، ترشح السيسي إلى الرئاسة، وكانت المعارضة له رمزية وبدا أنه يتبع النمط الكلاسيكي للقادة الأقوياء الشرق أوسطيين، تعب المصريون من الفوضى، وتمنوا العودة إلى الاستقرار.. ولكن ليس هناك سبب وجيه للاعتقاد أن إعادة الحكم العسكري، سيدوم طويلا على ما حدث في عهد مبارك، كي يحدث ذلك يجب أن يشمل مختلف الأطراف السياسيين، ويستجيب لمتطلبات الشعب ويكون ديمقراطيًا أكثر».


وهذا الكلام يشي بموقف أمريكا الحقيقي تجاه مصر، وتحديدًا تجاه حكم الرئيس السيسي.. فإن هيلاري كلينتون لا تعبر عن مجرد رأي شخصي وإنما تعبر بوصفها كانت مشاركة في الإدارة الأمريكية الحالية عن موقف تتبناه هذه الإدارة.. وبوصفها رئيسة محتملة لأمريكا تعبر عن موقف للإدارة الأمريكية الجديدة المحتمل توليها المسئولية بعد أوباما.

الأمريكان رغم إقرارهم بشعبية الرئيس السيسي، ورغم عدم قدرتهم على الطعن في نزاهة الانتخابات التي جاءت به رئيسًا لمصر، فإنهم لا يرحبون به رئيسًا لمصر بدعوى أنه عنوان للحكم العسكري وبدعوى أن حكمه لا يشمل كل الأطراف السياسية، وبالطبع من بينها تيار الإسلام السياسي! وبالتالي فإنهم يتمنون ألا يستمر هذا الحكم طويلا كما جاء في نبوءة هيلاري، وهي أمنية في ثوب نبوءة.

ولذلك علينا أن نتوقع دومًا من الأمريكان ليس فقط مجرد انتقادات علنية لمصر تحت العناوين الشهيرة الخاصة بالديمقراطية وحقوق الإنسان وإنما تآمرًا أيضًا ضد مصر وسعيًا للنيل من الرئيس عبد الفتاح السيسي، حتى في ظل إدراك الأمريكان أن ذلك ليس سهلا وهو ما تشي به كلمات هيلاري بأن المصريين تعبوا من الفوضى ويتمنون العودة للاستقرار.

لكن الذي غاب عن الأمريكان أن ما يفعلونه في هذا الصدد صار مكشوفًا ومرفوضًا من الأغلب الأعم من فئات الشعب المختلفة.. وهذا ما دفع مصر للإعلان بشجاعة وصرامة عن رفضها أي تدخل أمريكي في شئونها.. لقد جاء الوقت الذي يقف فيه سفير مصر ليلقن الساسة الأمريكان درسًا بليغًا كما فعل السفير المصري في جنيف الذي قال للأمريكان بوضوح لا نقبل ممن ينتهكون حق الإنسان أن يعطونا دروسًا.. أصلحوا أنفسكم وابعدوا عنا.
الجريدة الرسمية