رئيس التحرير
عصام كامل

ضمائر الشعوب وذكاء الساسة


رغم اختلافى الشديد فكرًا ومنهجًا على كل ما يقدمه الإعلامي توفيق عكاشة فإننى مشفق عليه فهو الآن في موقف لا يحسد عليه محليًا فقد أجمع مجلس النواب بأغلبية على سقوط عضويته من البرلمان ورغم قول البعض من المحنكين سياسيًا مثل مرتضى منصور إن سقوط عضويته بهذا الشكل مخالف للدستور وهو الذي رفض أن يوجد في قاعة البرلمان لأخذ صوته بالقبول أو الرفض على سقوط عضوية توفيق عكاشة.


ورغم المشهد المهين الذي رأيت فيه الإعلامي توفيق عكاشة على شبكات التواصل الاجتماعى وهو يتوسل إلى الدكتورة لميس جابر بالسماح له بدخول القاعة ليعتذر على الملأ واستعداده لأن يعتذر لكل نائب على حدة جعلنى أشفق عليه أكثر.

ورغم كل هذا فقد جعلته عفويته في التفكير والكلام أمام شاشة الفراعين وما حدث له أخيرًا بأنه أصبح ليس نجما محليا له جماهير في مصر وفى دائرته فقط بل أصبح نجمًا عالميًا تتناوله كل قنوات العالم على أنه شخصية مثيرة للجدل وسوف يستغل بعض الدول ومنها إسرائيل هذا وستتاجر به أمام العالم بأن مصر ترفض التطبيع معهم وبالتالى فهى ترفض اتفاقية السلام وبنودها.

ولو شخص آخر غير توفيق عكاشة لاستغل الموقف كثيرًا واستفاد به عالميًا وباع الوطن وكسب المال والشهرة العالمية غير أنه يمكن له أن يبث برنامجه من خارج مصر بتمويل خارجى، ولكننى أظن وأعتقد أن ظنى به خيرًا بأنه رجل وطنى محب لمصر ولكن بطريقته ورغم كل هذا فعفويته التي أجلبت له الشهرة هي نفسها التي دمرته.

فهو رجل على سجيته محب لمصر بلا تجمل يهاجم ويهجو مهاجمة وهجاء المحب، ولكنه قد نسى أو أنسته الأضواء حجمه الحقيقى وسط ذئاب السياسة والإعلام.

فقد انتهى دور توفيق عكاشة مؤقتًا من المشهد السياسي والإعلامي، ولكن هناك من يدير الأمر داخل الأبواب المغلقة في كيفية عودته مرة أخرى إلى المشهد بطريقة تحفظ له كرامته وتجعله مقبولًا في الشارع وبطريقة مرسومة لدوره القادم داخل المجلس وهذا ليس عيبًا في عالم السياسة، فعالم السياسة هكذا في كل دول العالم لا عواطف فيه.

ولكن السؤال ماذا ستخبئ لنا الأيام القادمة؟ وهل مشكلة سد النهضة ونقص المياه المتوقع في طريقها للحل السياسي أم هناك حرب مؤكدة تنتظر مصر؟ وماذا عن ربط نهر الكنجو بالنيل؟ واستغلال مياه البحر ؟ كلها أسئلة لا ندرى كيف تدار أم نحن في انتظار وقوع الكارثة ثم ننتظر الحل من السماء فالله لم ولن يخذلنا في مياه شرب المصريين؛ لأن المياه بيد الله سبحانه وتعالى فرغم عشوائية المصريين في كل شىء فإن الله معنا وهو مولانا وعلى الله فيتوكل المصريون، ولكن عليهم بالأخذ بالأسباب والعمل المتواصل فهل أدينا نحن الشعب واجبنا تجاه أنفسنا والوطن حتى نستحق أن رفع أيدنا للسماء طالبين العون؟

فمهما كانت هناك اتفاقيات ومعاهدات سياسية فالشعوب لا تنسى أن الكيان الصهيون كيان مغتصب زرعه الاحتلال في أراضينا سنة 48 ليكمل خطة تدمير الشرق الأوسط بالكامل والبعض الذي يتهم الشعب بالغباء لرفضه التطبيع الكامل مع هذا الكيان أقول لهم أنتم الأغبياء، لا الشعوب.. مهما غلفتم غباءكم بذكاء الساسة فالشعوب هي الضمير والسياسة لا ضمير لها، فهى لعبة المصالح ولكن قلوب الشعوب وضمائرها ملك لها وحدها
فلنا لله..
الجريدة الرسمية