رئيس التحرير
عصام كامل

إحنا فاشلين!


لم يعد مقبولا أن تتكرر حوادث الطرق والقطارات بعد 30 يونيو بذات الصورة والمعدلات التي كانت عليها قبلها، فربما كان مقبولا أن يحدث ذلك في أعقاب الحروب التي تبتلع الميزانيات وتوقف تنفيذ برامج التنمية وتحديث البنية الأساسية.. لكن ما ليس مقبولا اليوم في ظل وجود إرادة سياسية حازمة تحاسب المخطئ، وترفض أي إهمال أو تجاوز، ولا تقبل بغير الإنجاز بديلًا أن نرى قطارًا يخرج عن القضبان ليخلف عشرات الضحايا.. بعد كل ما أنفق في السنوات الأخيرة لتحديث الطرق ومرفق السكة الحديد الذي هو ثاني أقدم سكة حديد في العالم بعد بريطانيا، والأول في الشرق الأوسط وأفريقيا.. لكن العراقة والخبرة ذهبتا أدراج الرياح ولم يبق لنا إلا الإهمال والترهل ورداءة الخدمة.


وإذا كانت الحكومة قدمت نموذجًا مبهرًا في علاج أزمة انقطاع الكهرباء بحلول غير تقليدية.. فكيف بذات الحكومة تعلن عجزها وفشلها صراحة ـ على لسان وزير النقل المهندس سعد الجيوشي الذي خرج بكل جرأة ليقول "إحنا فاشلين في إدارة السكة الحديد، ولهذا نبحث عن إدارة أجنبية تدير وتشغل هذا المرفق الذي يحتاج لــ 100 مليار جنيه على الأقل لإصلاحه ومنع حوادثه؟!

والسؤال ألم تكن السكة الحديد التي تخدم ملايين المواطنين أغلبهم من الفقراء بطول البلاد وعرضها أولى برعاية الحكومة واهتمامها بعد إصلاح الكهرباء.. وهل اللجوء لإدارة أجنبية استسلام للفشل واستسهال للحلول أم أن له علاقة برؤية البنك الدولي الذي دأب على ترويجها منذ العام 2006 حين اعتزم منح مصر قرضًا بقيمة 500 مليون دولار لإعادة هيكلة السكة الحديد.. وهل جددت ورشة العمل التي نظمتها وزارة التعاون الدولي في نوفمبر الماضي برئاسة الوزيرة وحضور وزيري النقل والتنمية المحلية وخبيرين بقطاع النقل بالبنك الدولي التفكير في تنفيذ تلك الرؤية.. وهل الهيكلة هنا يقصد بها إسناد الملف لشركة أجنبية كما صرح الوزير وكما يرغب البنك الدولي..

وهل معنى تردي السكة الحديد تسليمها لشركة أجنبية أم الأفضل مثلًا طرح سندات بالدولار والجنيه كما فعلنا في قناة السويس حتى تظل أصول هذا المرفق وعوائده وطنية خالصة.. لماذا لا يكون بعض الوزراء على مستوى أداء الرئيس وأحلام المواطن.. لماذا تغيب الشفافية.. ولا تصارح الحكومة المواطنين بالحقائق مهما تكن مؤلمة أو صادمة؟!
Alyhashem51253@gmail.com
الجريدة الرسمية