رئيس التحرير
عصام كامل

لم نستلهم ما فعله مانديلا وماو تسي تونج!!


لقد طفحت سنوات ما بعد الثورة بممارسات غير أخلاقية، سادت فيها قيم الاستهلاك النهم والسلبية والمظهرية والانتهازية والصراعات، وغاب الحس الوطني والمسئولية السياسية حتى لدى كثير من الساسة أنفسهم.. وتجسدت في المقابل ثقافة التخريب والنهب والتجريف والتكويش، حتى وصلنا لما نحن فيه من تدهور وانحطاط.


وبدلًا من أن تكون الثورة منصة إطلاق لقيم الإصلاح والأخلاق والتغيير نحو الأفضل، سعيًا لمجتمع الفضيلة والقدرة على إصلاح العطب الذي أصاب الاقتصاد والبنية الاجتماعية والثقافية، انحرف بها البعض للأسف عن غاياتها باستهداف مؤسسات الدولة واختراق أمنها القومي وإشاعة الذعر والإرهاب في المجتمع لإحداث خلل اقتصادي يؤدي لسقوط الدولة؛ خصوصًا بعد تراجع السياحة وانحسار الاستثمارات الأجنبية.. تارة بقطع الطرق وتعطيل المصالح وتارة أخرى باستفزاز الشرطة وجرها لمعارك لا تفيد إلا أعداء الوطن الذي يعلم القاصي والداني أن هناك مساعي حثيثة لإسقاطه واستهدافه وتركيعه.

ورغم أن الثورة انطلقت على جناح السياسة هادفة لإسقاط النظام، لكنها تخطت ذلك لإسقاط الدولة مدفوعة بتحريض أطراف هنا وهناك لسلوك هذا المسار.. ولولا ثورة 30 يونيو ما عادت اللحمة بين الشعب وجيشه وشرطته ولأصبحنا في خبر كان.. إذ لم يتورع بعض النخبة للأسف عن توريط الثورة والدولة في سيولة سياسية أغرقت البلاد في حالة جدل وتشويش وارتباك وتشكيك في النوايا، وتطاول على كل شيء بدعوى أنه من أعمدة ورموز الدولة العميقة.

وهي نخبة أعرضت عن قراءة التاريخ وعبره وحقائق الثورات ودروسها ونماذجها المضيئة القادرة على التغيير الحقيقي لثقافة الشعوب وحركة التاريخ، ولم تستلهم مثلًا ما فعله "مانديلا" في جنوب أفريقيا ولا "غاندي" بالهند و"مهاتير" بماليزيا، ولا ما فعله الرمز الصيني "ماو تسي تونج" بعد اندلاع ثورة بلاده التي أدت إلى فوضى وانفلات كالذي رأيناه في مصر، فقرر تفجير ثورة ثقافية في مجتمعه تواكب الثورة السياسية؛ فالتغيير الحقيقي لا بد أن يبدأ أولًا في بنية الثقافة والأخلاق والتعليم والفكر الديني.. وهو ما انتهى بالصين إلى هذه النهضة الكبرى في شتى المجالات.

alyhashem51253@gmail.com

الجريدة الرسمية