رئيس التحرير
عصام كامل

مسلسل الصراع بين النقابات المستقلة واتحاد العمال «عرض مستمر».. الخلاف يصل للقضاء.. دعوي لإجبار «القوى العاملة» على وقف قبول أوراقها لمخالفة قانون العمل.. مطالب بإلغاء حساباتها البن

اتحاد العمال
اتحاد العمال

الصراع الأزلي القائم بين الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، والنقابات المستقلة، لن يتوقف، وسيظل الخلاف والاتهامات قائمة بين الجانبين، خاصة بعدما دخلت إلى مرحلة القضاء، بعد الدعوى التي أقامتها النقابة العامة للعاملين بالضرائب والمالية والجمارك، بتاريخ 7 فبراير الجاري، وطالبت خلالها بإلغاء قرار قبول إيداع أوراق تأسيس النقابات المستقلة لدى وزارة القوى العاملة، وإلغاء كافة القرارات الصادرة بشأن تأسيس النقابات المستقلة، وإغلاق حساباتها البنكية.


وأكدت النقابة في دعواها أنها تعمل دون رقيب أو حسيب بالمخالفة لقانون رقم 35 لسنة 1976 وتعديلاته، إلى أن تم تأجيل القضية، وهو الأمر الذي اعتبرته النقابات المستقلة، استكمال للدور الممنهج الذي تمارسه اللجنة الإدارية المعينة لإدارة شئون الاتحاد العمال الرسمي، لتقويض الدور النقابي الحقيقي الذي تلعبه النقابات المستقلة الممثل الفعلي لإرادة العمال.

ويوجد في مصر ما يقرب من 6 اتحادات عمالية أو أكثر تضم في عضويتها قرابة 400 من النقابات المستقلة، والتي ينتمي إليها ما لا يقل عن 20 ألف عامل، أعطتها وزارة القوى العاملة والهجرة الشرعية من الهواء، وبدأت بإنشاء "النقابة المستقلة للعاملين بالضرائب العقارية" التي أنشأها كمال أبو عيطة، وزير القوى العاملة والهجرة الأسبق، في عهد الوزيرة عائشة عبد الهادي، بعدها تم إنشاء أول اتحاد للنقابات المستقلة وهو الاتحاد المصري للنقابات المستقلة الذي ترأسه كمال أبو عيطة، بعد أن نشب الخلاف بين "أبو عيطة" وكمال عباس توجه الأخير لإنشاء دار الخدمات النقابية والعمالية، والتي فتحت الباب أمام ميلاد اتحاد جديد وهو اتحاد عمال مصر الديمقراطي.

هذان الاتحادان هما الأبرز والأكثر عضوية من بين باقي الاتحادات المستقلة التي لا يعلم أحد عنها شيئا غير أصحابها، ومن بين هذه الاتحاد اتحاد عمال مصر القومي، والذي يرأسه أحمد خيري، الذي هبط على الحركة العمالية بالبراشوط، دون أن يعلم له أحد أي نشاط عمالي سابق، إلا صلة القرابة بعمرو موسى، مما أهله ليكون عضوا في لجنة الخمسين لتعديل الدستور.

كانت النقابات المستقلة منذ إنشائها صداعا في رأس الحكومات المتعاقبة، بداية من حكومة أحمد نظيف وما قاده كمال أبو عيطة من إضرابات عمالية خلال تلك الفترة لتنتقل الفكرة بعد ذلك إلى شركات الغزل وما شهده قطاع الغزل والنسيج من احتجاجات عمالية مهد معظمها لثورة 25 يناير، بعدما استغلت عدد من الحركات الثورية الاحتجاج العمالي في خدمة مواقفها السياسية.

وفي 2011 وتحديدا بعد تولي الدكتور أحمد البرعي، منصب وزير القوى العاملة والهجرة، أطلق للنقابات المستقلة العنان، خاصة بعد قراره بحل الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، مستندا في إطلاق الحريات النقابية إلى ما وقعته مصر من اتفاقيات عمل دولية وأهمها الاتفاقية الأشهر رقم 87 لسنة 1948، والاتفاقية 98 لسنة 1949.

واستغلت النقابات المستقلة "ضعف" الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، والذي يتحدث باسم 20 مليون عامل ويضم في عضويته "رسميا" 5 ملايين عامل، تحت لواء 24 نقابة عامة، تضم مئات اللجان النقابية في المؤسسات والشركات، لتجد الطريق أمامها ممهدا للظهور والعمل كما تشاء، بل إن العديد من تلك النقابات المستقلة تثير أزمات كبيرة في الرأي العام الداخلي.

الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، رغم كل ما لديه من إمكانيات مادية وقيادات عمالية كبيرة، وكذلك أصول تتمثل في المقار والمؤسسات الخدمية للعمال، إلا أنه يعتبر من أهم أسباب ظهور النقابات المستقلة، بعدما هجره العديد من أبنائه لعدم وقوفه بجانبهم والاهتمام فقط بمهادنة الأنظمة والحكومة.

وأطلق الاتحاد العام التصريحات والانتقادات اللاذعة للنقابات المستقلة، متهما إياها بتهديد الأمن القومي، حيث وصف جبالى المراغى، رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، النقابات المستقلة بـ" رغاوى صابون" أو "زوبعة في فنجان"، سرعان ما تنتهى؛ لأنها قائمة على أساس غير شرعي.

واعتبر "المراغي" أن ظهور النقابات المستقلة ومن يدعمها خير دليل على قوة بنيان الاتحاد العام والخوف منه ومن دوره القومي والوطني والعربي في مواجهة الإرهاب والإرهابيين والعمل على الإنتاج، والدفاع عن حقوق العمال ومنها الأجر العادل الذي يتناسب مع الأسعار، والاستقرار في العمل، ووجود تشريعات قوية وحقيقية تحقق التوازن وتعبر عن ثورة العمال التي قادوها في 25 يناير و30 يونيو.

وقال الدكتور أحمد عبد الظاهر، رئيس اتحاد العمال مصر الأسبق: "النقابات المستقلة نبت شيطانى ولا توجد لها شرعية قانونية وإنشاؤها استند عن طريق الخطأ إلى نصوص اتفاقيات العمل الدولية والتي صدّقت عليها مصر، لأن هذه الاتفاقيات جاءت لتحترم التشريعات الوطنية في الدول الأعضاء ولا تخالفها".

والغريب أن منظمة العمل الدولية التي ترعى وتدعم النقابات المستقلة، أكدت على لسان أحد قياداتها بالقاهرة في تصريحات سابقة، "محمد الطرابلسي" أن هذه النقابات وفقا لقانون العمل رقم 35 لسنة 1976، لا شرعية لها، بل إنه من الممكن أن يتم رفع دعوى قضائية بتهمة انتحال صفة، إلا أن مجلس الدولة أصدر فتوى مؤخرا، وصفتها القيادات العمالية بالانتصار، أكدت صحة وقانونية تشكيل النقابات المستقلة في ضوء القانون، بعدما أرسلت إدارة الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات كتابا إلى مجلس الدولة طالبت فيه بالإفادة بالرأي في مدى قانونية تشكيل النقابات العامة المستقلة في ضوء القانون رقم 35 لسنة 1976 بشأن النقابات العمالية واتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 لسنة 1948 ومدى قانونية خصم قيمة اشتراك أعضاء النقابة المستقلة ووقف خصم قيمة اشتراكهم باللجنة النقابية.
الجريدة الرسمية