رئيس التحرير
عصام كامل

الرئيس والإعلام والأجهزة الأمنية !! (2)


الأسبوع الماضي، وفى هذا المكان، كتبت مقالا بعنوان "الرئيس والإعلام والأجهزة الأمنية"، تعجبت فيه من أداء غالبية أجهزة الأمن والإعلام، في التعامل مع الذكري الخامسة لثورة يناير 2011، خصوصا فيما يتعلق بالمبالغة الشديدة من تلك الأجهزة في تقديرات الحشد المنتظر لما قالت هذه الأجهزة إنهم معارضون للرئيس، رغم أن القراءة الواعية للمشهد كانت تستبعد حدوث ذلك الحشد، ورغم ذلك فإن الأجهزة الأمنية وكما بالغت في التقديرات للحشد المتوقع، بالغت أيضا في حشد قوات بعشرات الآلاف من الأفراد والآليات!


في ذات الوقت بالغت العديد من أجهزة الإعلامية، وخصوصا المرئية، في تغطياتها استعدادا لحشد المعارضين، ورأيت، كما رأي كثيرون غيري، أن مبالغات الأجهزة الأمنية والإعلامية، كان لها مضار كبيرة لعل أبرزها هو الإشارة لأي متابع بافتقاد الأمن والاستقرار، ما يحول دون تدفق الاستثمارات التي تسعي الدولة لجذبها للمعاونة في حلحلة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تحيط بنا !

ولم تكد تمضي أيام قليلة حتى تكررت ممارسات بعض الأجهزة الأمنية والإعلامية، التي أراها ممارسات غير راشدة وفاقدة لأى عقل ورؤية، ما دعاني إلى تكرار استخدام عنوان المقال السابق مرة أخرى، وهو"الرئيس والإعلام والأجهزة الأمنية".

فقد فوجئ الناس بقيام قوة تابعة لمباحث المصنفات الفنية بوزارة الداخلية بالقبض على شاب اسمه إسلام جاويش رسام كاريكاتير، وناشط على مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يعرف بعالم السويشيل ميديا، وأصدرت وزارة الداخلية بيانا قالت فيه إنه تم القبض على جاويش لأنه يستعمل برامج ليست أصلية لأجهزة الكمبيوتر وإنه يدير موقعا إلكترونيا بلا ترخيص، رغم أن مصر التي تجاوز فيها عدد مستخدمي شبكة الإنترنت 37 مليون شخص ـ بحسب إحصاءات رسمية ـ أغلبهم يستخدم برامج مقلدة أو نسخا غير أصلية، وربما لو بحثنا أكثر لوجدنا أن كثيرين ممن شاركوا في ضبط جاويش يستخدمون برامج مقلدة!

وبالطبع تبين أن السبب الخفي وراء القبض على جاويش هو إعداده لرسم أو أكثر ينتقد فيه نظام الحكم والرئيس السيسي، وفى النيابة تبين أن جاويش غير مذنب وتم إخلاء سبيله بلا ضمان، تم الإفراج عنه ولكن بعد أن تعرضت الحكومة المصرية لحملة شرسة تندد بالممارسات الأمنية التي تستهدف شابا يعمل رساما للكاريكاتير، ويعبر في البعض من رسومه عن رفضه أو انتقاده للنظام الحاكم!

وشاءت الأقدار أن تمر الأحداث دون إسهام بعض أجهزة الإعلام بممارساتها الجاهلة الغبية، فقد أشعل البعض من مقدمي البرامج الحوارية على الشاشات الخاصة النار إثر تجمع أكثر من عشرة آلاف من مشجعي النادي الأهلي باستاد مختار التتش بالجزيرة، إحياء للذكري الرابعة لمذبحة بورسعيد التي قتل خلالها أكثر من سبعين من أصدقائهم، هاج الشباب، وهم متجاوزون بلا أدنى شك في طريقة التعبير هذه، ولكن الإعلام المتجاوز أتاح الفرصة للاتصالات داعيا لما هو أكثر من قتل أولئك الشباب المتجاوز، وللأسف تفاعل مع دعاوى التصعيد كثيرون من البسطاء من المواطنين الذين يتعاملون مع بعض الإعلاميين بحسن نية!

ولكن لم يشأ الرئيس السيسي أن تمر هذه التجاوزات الأمنية والإعلامية دون أن يتدخل فقام بإجراء مداخلة هاتفية مع الزميلين عمرو أديب ورانيا بدوي في برنامج القاهرة اليوم، للتعليق على الأحداث، الحقيقة إنني أري أن مكالمة الرئيس كانت بمثابة صفعة قوية على وجوه كثيرين في الأجهزة الأمنية والإعلامية ممن لا يدركون المتطلبات الحقيقية لمجتمع ثار مرتين في ثلاث أعوام طلبا للأحسن.

وأختم فأقول.. يا سيادة الرئيس، ليس كافيا العتاب أو الكلام المنظوم، فمن لا يفهم فعليه أن يذهب إلى بيته، يا سيادة الرئيس إن حولك أناس محسوبون على نظام حكمك كلما أعدت إقامة حائط كان منهارا، يقومون بهدمه وتدميره إما جهلا أو غباء، وحق المصريين عليك أن تقتص لهم من الأصدقاء الضارين المُضرين كما تقتص لهم من الأعداء المخربين، فكلاهما خطر على البلد وعليك شخصيا !
الجريدة الرسمية