رئيس التحرير
عصام كامل

الرئيس والإعلام والأجهزة الأمنية !!


لا أفهم سببًا للتظاهرة الغريبة التي نظمتها أجهزة الأمن للاستعراض المبالغ فيه للقوة في يوم حلول الذكرى الخامسة لثورة يناير 2011، لا أفهم أيضًا سببًا بالإضافة إلى كل هذا أستغرب جدًا وبشدة ذلك "الإسهال الإعلامي" المستمر على عدد من الشاشات الفضائية الخاصة منذ عدة أسابيع للتحذير مما سيحدث يوم الخامس والعشرين من يناير ؟!


لا أفهم، كذلك، سببًا للمنافسة المحمومة التي تبارى خلالها غالبية المتحدثين الرسميين باسم الوزارات المختلفة للإدلاء بتصريحات إعلامية تقول في مجملها إن الوزارات جميعها مستعدة لمواجهة التظاهرات المنتظر خروجها يوم الخامس والعشرين من يناير، ولعل أغرب هذه التصريحات ما أدلى به محيي الصيرفي، المتحدث الرسمي باسم شركة المياه والصرف الصحي، قال فيها إنه تقرر تعيين حراسات على محطات المياه والصرف الصحي على مستوى الجمهورية، وأضاف أنه تقرر منع انتظار السيارات القديمة ـ بحد قوله ـ بجوار محطات المياه والصرف الصحي!

سبب استغرابي من كل هذه المظاهر هو أن أي مبتدئ في السياسة أو الأمن كان يدرك أن الخامس والعشرين من يناير لن يشهد أي تظاهرات أو فعاليات عنيفة أو كبيرة، لسبب بسيط هو انحسار تأثير جماعة الإخوان وفقدانها القدرة على الحشد، وهذا ما أكدته فعاليات ومناسبات عديدة طوال العام الماضي، وكانت أصوات التحذيرات أطلقها بعض الإعلاميين من خروج الإخوان للتظاهر أقوى بأضعاف مضاعفة من القدرة الحقيقية للإخوان ومناصريهم!

وأظن أنه من المفترض أن أجهزة الأمن لديها أجهزة قادرة على جمع المعلومات المؤكدة بالحجم المتوقع للتظاهرات المفترضة، ولكن على ما يبدو أن أجهزة الأمن قررت ألا تجهد ضباطها وقياداتها وبالغوا في تنفيذ خطة حشد للقوات لا مثيل لها !

الحقيقة المؤسفة أن أجهزة الأمن وبعض أجهزة الإعلام، نسوا أو تناسوا أن هذه التظاهرات الإعلامية والأمنية المبالغ فيها، لها تأثيرات قاتلة فى الصورة العامة للدولة التي تسعى ليل نهار وعبر كل الوسائل إلى الإعلان عن نجاحها في استعادة حالة الاستقرار في شتى النواحي وخصوصًا الحالة الأمنية، أملا في تشجيع المستثمرين العرب والأجانب للقدوم إلى مصر للمشاركة في تنفيذ خطة الخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تحيط بنا، والتي لا مخرج منها إلا بتوفير آلاف من فرص العمل والمشروعات التجارية والصناعية، والتي لن يتيحها إلا الاستثمار الوافد، الذي لن يدفعه إلى القدوم إلا حالة الاستقرار السياسي والأمني !

المؤسف أيضًا ـ من وجهة نظري ـ أن ذلك التصعيد الأمني والإعلامي المبالغ فيه، يحدث، بينما يلقي الرئيس كلمة في الاحتفال بعيد الشرطة وأخرى بمناسبة الاحتفال بذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير، يؤكد فيها أن إنجازات ليست بالقليلة تحققت خلال أقل من عامين، منذ أن تولي الرئاسة، ونوه الرئيس إلى أن جهودًا كبيرة تبذل لاستكمال تحقيق خطة بناء الدولة، وإتاحة الفرصة للشباب سواء بمزيد من فرص العمل أو بتوسيع هامش المشاركة في مسيرة إعادة بناء الدولة.

الحقيقة.. لا أعرف أين أجهزة الإعلام والأمن من الرئيس ومساعيه، هل تدرك ما يفعله وما يسعى إلى تحقيقه، لا أعرف كذلك هل الرئيس يبارك ما تفعله هذه الأجهزة وهل يعرف تأثيرات ما تفعله.
أنا مستغرب بشدة !!
الجريدة الرسمية