رئيس التحرير
عصام كامل

أسوأ ما عرفته مصر في تاريخها!


لقد تحولت مشاهد ثورة 25 يناير المبهرة التي شهدناها خلال الثمانية عشر يومًا الأولى إلى أسوأ ما عرفته مصر في تاريخها كله.. توقف الإنتاج واشتعلت الاحتجاجات.. تراجع الاقتصاد.. استعرت نار الفتنة لتنهش في طريقها كل قيم العدالة والإنسانية والتقدم.. صار المشهد ضبابيًا.. وأصبحنا إزاء مجتمع ممزق جرى دفعه نحو التناحر والصراع ليأكل بعضه بعضا.. لعبت به قوى الشر من وراء ستار.. تحكم اللهو الخفي أو الطرف الثالث في مصائرنا.


دفعنا لحافة الهاوية مرات عديدة.. كلما هدأت الأمور عادت لتشتعل بصورة أكثر ضراوة.. شعر الجميع بالقلق والخوف على المستقبل هربت الاستثمارات.. تراكمت الديون.. تآكلت الثروة.. نهشت المؤامرة التي قادها الإخوان وأعداء مصر في الداخل والخارج لحم الثورة.. ذهب الثوار وبقي الأشرار.. وخاض الجميع في معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل.. معارك لا تبغي وجه الوطن.. أهدرت المواطنة ونسف الوفاق المجتمعي.. لم تكن مصلحة الوطن هي المعيار الحاكم لتصرفات المتصارعين على أرضه.

لو كان الاختلاف على أرضية الوطن ما جرت معارك تكسير العظام وحرق الأرض تحت أقدام الخصوم والطعن في النوايا والتفتيش في الضمائر.. فكيف يتحقق استقرار في غيبة الأمن وتدهور الاقتصاد.. كيف يتقدم الوطن بمنطق القبيلة والدفع بالأنصار إلى التظاهر والحرق والتدمير كلما وقع الاختلاف على شيء هنا أو هناك؟!

"التنمية المستدامة" لا تتحقق ارتجالًا في أجواء مشحونة بالخصومة والاحتقان والشحن الطائفي والصراع بمنطق المعادلة الصفرية والمغالبة لا المشاركة وليس بالحوار العقلاني أو الاختلاف على أرضية الوطن لا على الوطن ذاته وقبول الآخر واحترام القانون.. واستقلال القضاء.

نعم.. لقد خاصمت البسمة شفاه المصريين وداهمهم الإحباط والمزاج العكر.. حتى قيض الله لمصر من خلصها من حكم الإخوان فانحاز الجيش إلى ثورة الشعب 30 في يونيو..وتصاعدت المطالبات بتولي السيسي مقاليد الأمور ووافق الرجل وقبل بمواجهة المخاطر مدركًا أن المستقبل لن يقبل أوراق شعوب متخلفة ولن يمد يده لمصافحة الضعفاء فأخذ يجابه تحديات المستقبل ويذكرنا بمقتضيات العبور إليه التي لم تعد رفاهية بقدر ما هي من اشتراطات البقاء والوجود.
alyhashem51253@gmail.com
الجريدة الرسمية