رئيس التحرير
عصام كامل

خديجة والبرلمان


كتبنا في مقال سابق، أن أكثر من خمسين في المائة من مواليد هولاندا في العامين الماضيين من المسلمين، وأن زيادة أعداد المسلمين في أوربا ظاهرة تغزو المجتمع الأوربي، خصوصا من الجيل الثاني، وأكثرهم من الخلفية الهندية والباكستانية الذين هاجر آباؤهم في القرن الماضي، عندما كانت الهند درة التاج البريطاني وجزءا أصيلا من الإمبراطورية التي كانت لا تغيب عنها الشمس.. والآن تغيب عنها الشمس، وكذلك القمر، لكنها مازالت فاعلة في مشاكل العالم لتفتعلها وتتقدم الصفوف لتحلها، وما زلنا نحن لا نستوعب هذه الألاعيب ومستوانا لا يزيد على

end of text.

وفي الربع الأخير من القرن الماضي، بدأ المهاجرون العرب يتدفقون على أوربا وعلى بلدانها الغنية والكبيرة بريطانيا وألمانيا وفرنسا.. الهنود إلى بريطانيا، وكانت ألمانيا قبلة الأتراك، وفرنسا ذهب إليها أهل المغرب العربي من تونس والمغرب، وخاصة الجزائر التي كانت فرنسا تعتبرها أرضا فرنسية، وتحولها إلى الثقافة الفرنسية، لكن أبطال أرض المليون شهيد طردوا الاحتلال الغربي وحافظوا على الثقافة العربية.

وهاجرت السيدة العربية المغربية مع أهلها في عمر المراهقة إلى هولندا، وهناك تفاعلت الفتاة العربية مع المجتمع الغربي وشقت طريقها بذكائها وتعليمها داخل المجتمع الهولندي الغربي، ووصلت إلى أعلى المناصب وتم انتخابها رئيسة للبرلمان الهولندي بكدها وثقافتها، لتكون التالي في السلطة بعد رئيس الوزراء طبقا للدستور الهولندي.. لم تصل بالكوسة أو المال أو العسكرية، بل بالانتخاب الحر المباشر من الشعب كعضو مجلس النواب، ثم من نواب الشعب لتكون ممثلة للشعب الهولندي بأسره.

وهولندا دولة صغيرة تعدادها يقل على العشرين مليونا، وهي ملكية دستورية، تتكون من جزء أوربي تشكل نحو ٩٨٪‏ من مساحتها، وثلاثة أجزاء أخرى في البحر الكاريبي، يعني دولة استعمارية على خفيف، لكنها تُمارس ديمقراطية حكم راقية بلا مشاكل كبيرة، وبها تعددية حزبية من عدة أحزاب سياسية حقيقية تغطي كل الاتجاهات السياسية بلا تعقيدات في حدود المواطنة.

وظاهرة تولي السيدة "خديجة" العربية منصب رفيع في دولة أوربية تستحق النظر، وقلنا في مقال سابق عن ازدياد أعداد الجيل الثاني من المسلمين في أوربا وبداية انغماسهم في المجتمعات الغربية، وتوليهم مسئوليات كبيرة في هذه الدول، وأقترح أن نتعلم من اليهود أن نتواصل مع أولادنا في بلاد المهجر التي أصبحت بلد الأم لهم، ونحاول استمالتهم لما فيه الخير لنا بطريقة سهلة راقية بعيدة عن موظفي الحكومة من نوعية أسد الميكروفون، وأقترح أيضا أن يكون هناك من يقوم بهذه المسئولية مثلا نائب لوزير الخارجية لشئون جيل المهجر، وأن تكون هناك مادة في الدستور للتعامل مع هذه المسئولية بعيدا عن تعليمات الوزير وروتين موظفي الحكومة الفاشل، وكان الله يحب المحسنين.
الجريدة الرسمية