وعود لن تتحقق
رحل شهر نوفمبر ومن بعده ديسمبر، ودخلنا الثلث الأخير من يناير ولم تنخفض الأسعار.. ولن تنخفض.
انتهى زمن التحكم في أسعار السلع بالتسعيرة الجبرية، وغيرها من الإجراءات الاشتراكية التي ذهبت بلا رجعة.. ومن غير المعقول أن نتحدث في 2016، عن خفض الأسعار بقرار أو بتعليمات أو حتى بقانون.
ومن العبث أن نستخدم الشعارات الرنانة حول تحقيق الرخاء ودغدغة مشاعر الفقراء، بتصريحات معسولة عبر وسائل الإعلام التي أصبحت "ملاكي"، تردد ما يقوله المسئولون بلا وعي أو بدافع النفاق والتطبيل.
الأحوال المعيشية للفقراء لن تتحسن دون سياسات اقتصادية مدروسة وفعالة، تقوم على مشاركة الجميع في صياغتها، ولا ينفرد بها شخص.. إجراءات تستند للواقع والظروف الحاكمة، ويحددها أهل الخبرة والعلم، بعيدا عن المشروعات السياسية وافتكاسات المسئولين التي حولت مصر لحقل تجارب لأفكارهم ومشاريعهم الفاشلة.
هذه السياسات طبقتها البرازيل وسنغافورة وماليزيا، وغيرها من الدول التي كانت تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة، ولجأوا إلى الشفافية والعلم والتخصصات الدقيقة في كل المجالات، فحققوا طفرة كبيرة في سنوات قليلة.. لكننا في مصر نسير من فشل إلى فشل أكبر.. ومن تخبط وعشوائية إلى انحدار اقتصادي واجتماعي وطبعا سياسي.. تقريبا كل الدول تخطت للأمام، ولو قيد أنملة، إلا نحن نتقهقر بسرعة الصاروخ، وهذا هو إنجازنا الوحيد.
ماذا فعلنا مثلا لإنقاذ التعليم من حالة الانهيار التي ستؤدي إلى ضياع أجيال بأكملها؟.. لا شيء سوى تصريحات ووعود لن تتحقق.. وتغيير وزير كل فترة يواصل إنجازات سلفه في الإعلان عن خطط وإستراتيجيات وهمية، وضحك على الذقون، كأن الدولة مغيبة.. لا أحد يفكر ويضع خططا حقيقية.. ولا أحد يحاسب أحدا على خداع الشعب بمشاريع هي والسراب سواء.
وتتبدل الحكومات ويتغير الوزراء.. والكل يتناوب على خداعنا بنفس الشعارات والتصريحات.. كأننا جميعا بلا عقل أو ذاكرة أو ضمير.
ننتظر التغيير الحقيقي الذي ينهض بالبلاد ولا يأتي أبدا.. ومن الطبيعي ألا يأتي ما دمنا اعتبرنا أعظم ثورات العصر الحديث وهي ثورة 25 يناير، مؤامرة قامت بها الشيخة موزة، وعملاء من مدغشقر وأريتريا لهدم الدولة.. وفي المقابل اعتبرنا نظام مبارك ورجاله رمزا للوطنية والطهارة والنهضة وطوق النجاة لمصر!