نجيب محفوظ يكتب: لماذا خلعت الطربوش
في مجلة "نصف الدنيا" عام 2000 وفى حوار مع الاديب نجيب محفوظ قال:
"أقلعت عن لبس الطربوش بشكل نهائى بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952، وكنت سعيدًا بذلك سعادة كبيرة، فقبل عام 1952 لم يكن من الممكن أن أدخل على مدير بالوزارة دون الطربوش، ثم تطور الحال حتى أصبح المدير نفسه يأتى إلى المصلحة دون طربوش، ذلك لأن الطربوش كان رمزا للتبعية التركية، ورمزا للملكية القديمة التي كانت تتبع التقاليد التركية، فكل رجال العائلة المالكة يرتدون الأحمر، والنساء ترتدين "اليشمك" الأبيض، وحين أسقطت هدى شعراوى الحجاب في بداية العشرينات هي لم تكن تسقط رمزا إسلاميا وإنما كانت تسقط رمزا للتبعية السياسية لتؤكد الاستقلالية المصرية، أما الطربوش فلم يتم إسقاطه إلا بقيام الثورة".
وتابع: "القبعة كنت ألبسها في الصيف فقط لأنها كانت تحمى من الشمس أكثر من الطربوش، وقد كانت لدى بعض الحساسية الجلدية التي كانت تتأثر بأشعة الشمس الحارقة، ولقد قام صديقى مصطفى أبو النصر بإهدائى قبعة وجدت أن بها فائدة، ولكن للقبعة تاريخ آخر في حياتنا حين كنا في مرحلة التعليم الثانوى، وفى الجامعة ظهرت دعوة لارتداء القبعة كنوع من الفرنجة والاندماج في الحضارة الغربية على أساس أن الطربوش هو رمز التأخر وأن القبعة هي رمز التقدم، وهناك من قادوا هذه الحملة مثل الراحل محمود عزمي، وقد ظهرت في ذلك الوقت مونولوجات تتغنى بذلك وتقول مابدها زيطة، مابدها عيطة، ما خلاص لبسنا البرنيطة".
وواصل الأديب في حواره: "لكن تلك الدعوة لم تستهوينى لأنه في حماسى للحضارة الغربية لم يقل عندى شأن الحضارة الإسلامية العربية التي هي الأصل فكنت ترى على مكتبى مؤلفات شكسبير وبجانبها كتب المتنبى".