نجيب محفوظ يكتب: الشباب الناهض بالانتماء والإيجابية
تحت عنوان «الشباب الناهض بالانتماء والإيجابية» كتب الأديب العالمى نجيب محفوظ في جريدة الأهرام في يناير 1988 مقالا يقول فيه:
الشباب الذي يبشر بخلق أمة ناهضة يتسم بمواصفات أساسية لا غنى عنها، إنه يؤمن بهدف كبير في العصر الذي يعيش فيه، وبالتالى يتطلع إلى دور شخصى يناسبه في نطاق ذلك الهدف، ويكتسب من هذا وذاك انتماء صادقا، وضميرا اجتماعيا يقظا وعزيمة وآملا وإصرارا يستعين بها في شق طريقه في أطوار التعليم والعمل فكيف نرى خريطة شبابنا على ضوء تلك المواصفات؟
يوجد ولا شك شباب يعرفون لذواتهم أهدافًا شخصية تحوم حول الوظائف الممتازة والمهن الرفيعة، ولا يحول بينهم وبينها حائل، وهم أبناء الصفوة القادرة، وإن خالطت حياتهم سلبيات فهى سلبيات المال والفراغ، ونادرا ما تتجاوز اهتماماتهم الذات وما يدور حولها وتمضى حياتهم بلا سدود أو احباطات اجتماعية.
ويوجد أخرون ولعلهم الكثيرة يتخبطون في طرقات غاصة بالأشواك، تعليمهم ناقص، وأبواب العمل في وجوههم ضيقة عسيرة، ومرتبات العامل منهم غير كافية وعاجزة عن إشباع احتياجاتهم الأساسية من المأوى والزواج وتحقيق الذات، وهم يعيشون في وجوم وسوء ظن.
بلا انتماء أو مشاركة في الحياة العامة، ولو بالقلب، رافضين لما حولهم حالمين بالهجرة في ظل تهديد دائم بالانحراف.
وهناك شباب يعرف لنفسه هدفا ويتمتع بالانتماء والإيجابية والإيمان، فيه تتجلى المواصفات الأساسية للشباب الناهض، ولكن من المؤسف أن يخالط فكرة تطرف يشذ به عن القصد وقد يتمادى بعض منه في تطرفه فيهطى القانون ويسفك الدماء.
ولذلك تلح المصلحة العليا على بذل المستحيل لإرجاع هذه الفئة إلى حظيرة القانون والشورى والموعظة ليدخلوها، بكل ما يحظون به من إيمان وإيجابية وانتماء، إلى هدف أسمى، فيكون حجر الأساس لبناء نهضة، وسياج دفاع للأمة حيال التدهور والفساد.
ونحن لنا دين يقدس العلم والعمل، وحقوق الإنسان والوطن، وتوفيقنا في ذلك خليق بأن ينقذ الفئة الأولى من أنانيتها، كما يخرج الثانية من حيرتها، والله يهدى من يشاء إلى سواء السبيل.