رئيس التحرير
عصام كامل

معركة سعد الجيوشي


معجب أنا بأداء هذا الرجل.. لا يهدأ، ولا يكل، ولا يمل.. تغييرات بالجملة.. ثورة في الأداء.. تواصل مع الناس، ومع الإعلام.. كـالمدرب الذكي، يدير المباراة بكفاءة، على الأقل حتى الآن، وتبديلاته للأفضل دائمًا.. أثبت أنه "حريف" يجيد اللعب في معظم الخطوط.. ويتصدر معركة الدوري الدائرة بين الوزراء، أعضاء حكومة الدكتور شريف إسماعيل، لا ينافسه سوى الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة.


نجح الدكتور سعد الجيوشي، وزير النقل، في مجابهة الفساد المستشري كالسرطان في أطناب وزارته العريضة، الممتدة في مصر من أقصاها لأقصاها.. وتمكن من تقليص نزيف الخسائر، لدرجة الطمع والتطلع إلى تحويلها لمكاسب وأرباح.

واجه الجيوشي هجومًا ضاريًا، وتعرض لانتقادات حادة؛ في أعقاب مصارحته للشعب بضرورة رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق.. الوزير محق، والناس معذورة.. الخسائر فادحة، والدخول الفردية ضئيلة لا تكاد تفي بضروريات المعيشة اليومية.

لماذا لا نفكر خارج الصندوق.. فكرة الإعلانات على ظهر تذكرة المترو، التي اقترحها طالب مصري.. تذاكر القطارات المكيفة قابلة أيضًا لوضع إعلانات من الخلف.. سور المترو يمكن أن يتحول إلى متحف فني مفتوح، بواسطة لوحات وتماثيل وأعمال طلبة الفنون الجميلة والتشكيلية.. تتخلله إعلانات منخفضة المقابل المادي؛ تركز مثلا إلى تشجيع السياحة، وتوعية المصريين بالأماكن السياحية، ومناطق الاستشفاء، والتريض.. والنزهات الرخيصة... إلخ..

وأقترح أن تقدم كل محافظة لوحات إعلانية عن المناطق التي يمكن أن تستقبل زائرين بها، مقابل 10 آلاف جنيه عن كل لوحة يتم تعليقها على سور المترو لمدة عام كامل.. لا شك أن هذه الفكرة ستعود بمقابل مادي معتبر لخزينة الوزارة (لن يقل عن 3 مليارات جنيه سنويًا).. فضلا عن المردود في العائدات السياحية للمحافظات، وعودة الروح للسياحة الداخلية في مصر.

ولمن يريد الاستزادة؛ ما هو المكان الذي تعلق به إعلانات "OUT DOOR"، ويرتاده يوميًا ما لا يقل عن 3 ملايين شخص؟! سور المترو يفوق تلك الأعداد بكثير.. أيضًا فإن الإعلانات الموجودة على الطرق والكباري تصل قيمتها لمئات الآلاف شهريًا، وليس سنويًا.. هذه ستكون البداية.. ولن يتوقف السباق.

أمر آخر، كثيرًا تغادر القطارات محطات البداية في القاهرة، والجيزة، والإسكندرية، وأسوان، وغيرها.. وبها العديد من المقاعد الخاوية، في الوقت الذي يفشل فيه الكثيرون في الحصول على مقعد، وفي تلك الحالات يتدخل سماسرة السوق السوداء.. والتي لا تزال منتعشة بالمناسبة.. يحتاج الأمر هنا إلى متخصصين في التسويق.. وإلى إعلانات على الشاشات، وبالميكروفونات عن المقاعد المتوافرة في القطارات التي على وشك الإقلاع.. وبالتأكيد سيعود ذلك بمكاسب جمة على هيئة السكك الحديدية.

سلوكيات موظفي المترو صارت في منتهى السوء.. التدخين، وقزقزة اللب، وتناول السندوتشات، والمشروبات أثناء العمل.. بل كثيرًا نشاهد الموظفين يتناوبون عمل الشاي والقهوة على "سخانات" داخل المكاتب، وأمام شبابيك بيع التذاكر.. أما سلوكيات "حراس الماكينات" فحدث ولا حرج.. بلطجة.. ومعاكسات، وأصبح مشهد الأحاديث الجانبية بين الموظفين والموظفات معتادًا.. بعض السائقين يصطحبون أصدقاءهم وأطفالهم في "الكبائن" للفسحة، أو "التوصيل".. الأمور زادت على حدودها، والتدخل بات لازمًا.. ولو نجح الوزير في التصدي للفساد في السكك الحديدية والمترو لأصبح زيادة أسعار الخدمات، ومنها التذاكر، من السهولة بمكان.
الجريدة الرسمية