رئيس التحرير
عصام كامل

إعلام «الشرشحة»!!


الإعلام في الأصل رسالة تنوير وتثقيف وتحرير للعقل من قيود الجهل والتعمية والتعتيم، وتحريره من أغلال الاستبداد والشمولية اللذين تجاوزهما الزمن في عصر المعلومات والمعرفة.. لكن الأمر عندنا بدا نقيضًا للرسالة السامية.. وتنافسًا محمومًا على خلفية المصالح والأغراض والأهواء التي توجهها بوصلة الملاك والممولين والممسكين بزمام الإعلام.


برامج التوك شو ليست بدعة عندنا.. لكن البدعة أن بعضها تحول لمنصات بذاءة وسباب وصراخ وعويل، وتصفية حسابات وتأجيج فتن وكشف عورات، وفرش ملايات وملاسنات، صارت مادة للسخرية في الإعلام العالمي، وسببًا لإسقاط ورقة التوت الأخيرة الساترة لعوراته التي انكشفت بعد ثورة 25 يناير.

ما أصاب إعلامنا من تدهور كبير منح الفرصة للنافخين في النار المتربصين بالدولة، إلى نشر مقاطع عنف وكره وتحريض مما يذاع عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة؛ لإشعال حالة الاستقطاب والاستعداء في الخارج والداخل، مع تصاعد نبرات التخوين التي يمارسها بعض الإعلاميين عبر ما يسمى بـ"التسريبات"، التي كانت سلاحًا ذا حدين، فمن ناحية حمل الأذى لمن سُربت ضدهم وللدولة التي غضت الطرف عن تلك التسريبات من ناحية أخرى.

ما يحدث من تجاوزات إعلامية جاوز حدود "الشرشحة" والتلاسن، وخلق حالة من التفسخ الاجتماعي والتفكك والاستهانة بالخصوصية وبالقيم الاجتماعية الموروثة، التي تأبى الفضائحية ونشر الرذائل، وتدعو إلى الاستتار عند البلية "إذا بُليتم فاستتروا"، الأمر الذي ينذر بكوارث اجتماعية لدى الأجيال الجديدة التي ترى كل شيء مباحًا.. من التخوين إلى نهش الأعراض واستباحتها.. فماذا نتوقع من أجيال غرسنا في وجدانها مثل تلك القيم السلبية؟!

آن الأوان أن نعيد النظر في مجمل الأداء الإعلامي وخطابه؛ حتى لا نبكي على دم الحرية المسفوك!!

alyhshem51253@gmail.com
الجريدة الرسمية