رئيس التحرير
عصام كامل

«الأخبار المُجهلة» جريمة في حق الصحافة! (2)


الصحف التي تهتم وتتوسع في نشر الأخبار المُجهَّلة تنضوي تحت مسمى "الصحف الصفراء"، المنسوبة إلى بعض "صحافة بريطانيا" التي اعتادت نشر الفضائح في صحف تخرج على قارئها في صفحات ذات لون أصفر.. وقد انتقل هذا النوع إلى عدد غير قليل من صحف دول العالم.. حتى صارت "الصحافة الصفراء" لقبًا ينسحب على كل صحيفة تتبنى مثل هذا النوع من أخبار الفضائح أو الأخبار مجهولة المصدر.


ولم تقتصر ظاهرة الصحافة الصفراء على الإعلام وحده، بل انتقلت منه إلى عالم السياسة وخصوصًا البرلمان، وإذا كان الصحفي معذورًا أحيانًا إذا لجأ إلى تجهيل مصدره استجابة لهذا المصدر أو ذاك، أو خوفًا من الجرجرة إلى المحاكم أو التعرض للتنكيل في غياب الحصانة.. لكن ما حجة نائب الشعب صاحب الحصانة البرلمانية إذا لجأ إلى التجهيل في توجيه اتهاماته إلى أعضاء الحكومة.. وهو المحصن ضد المساءلة أو العقاب، وهو ما شهدناه في دورات برلمانية سابقة جرى خلالها توجيه اتهامات لوزراء، مثلما فعل النائب المحترم علاء عبدالمنعم في برلمان 2005، حين اتهم أحد الوزراء - دون أن يذكر اسمه صراحة - بأنه طلب من أحد المحافظين تخصيص جزيرة في النيل باسمه.. وتساءل "عبدالمنعم": هل تحولت مصر إلى عزبة..؟!

وحين يسمع المواطن ذلك يسرح خياله إلى عدد غير محدود من الوزراء والمحافظين، حتى يمكن أن يصيب سوء الظن نحو 30 وزيرًا ومحافظًًا متهمًا بالاستيلاء أو تسهيل الاستيلاء على أملاك الدولة!!

ما نرجوه ألا تزيد مساحات الشكوك، وألا تُلقى الاتهامات جزافًا بلا أدلة، سواء من جانب الإعلام أو البرلمان دون أدلة ثبوتية، حتى لا نفتح الباب أمام المزايدات والفوضى والاضطراب الاجتماعي والتحريض على الكراهية.. دون أن يعني ذلك أننا ننكر وجود الفساد، وحق الصحفي والإعلامي أو البرلماني في فضحه ومكافحته.. ولكن ما ننكره هو العشوائية والجزافية وتوسيع مجال الاتهام ليضرب سمعة أبرياء، مثلما يفعل البعض دون أن يدري أنه بذلك يضرب السلام الاجتماعي في مقتل.. وإذا كانت الحكومة متهمة بالتقصير في تعقب الفساد واستئصال جذوره فإنهم - أي الإعلاميين العشوائيين - متهمون أيضًا بالتقصير في إثبات ذلك وتأكيده بالأدلة الدامغة.

لا شك أن إعلامنا ليس في أحسن حالاته للأسف، ولعل استطلاعًا علميًا للرأي تجريه مراصد الاستطلاع المفقودة في أيامنا هذه يدلنا بوضوح كيف أن عام 2015 سجل أسوأ أداءات هذا الإعلام منذ ثورة 25 يناير.

alyhshem51253@gmail.com

الجريدة الرسمية