رئيس التحرير
عصام كامل

ذوبان الجليد وذوبان المكارم


يقول علم الجيولوجيا إن متوسط درجة حرارة سطح الأرض حوالي ست عشرة درجة مئوية، وفي بعض المناطق تصل أكثر من هذا بكثير، مع العلم بأن متوسط درجة حرارة لُب الأرض الذي يتكون في أغلبه من الحديد والنيكل يصل إلى حوالي ستة آلاف درجة مئوية، وهذا طبيعي ولا دخل للإنسان فيه، وتدور الحافرة كما قدر لها خالقها وتستوعب خلائق الرحمان التي قد تزيد على مليون حياة، تعيش فوقها وداخلها وفي مياهها التي تمثل سبعين في المائة من سطحها.


لكن الإنسان الذي خلق ليستعمر الأرض ويجعلها ربوة خضراء ينشر فيها العدل والتعارف ويعبد الواحد الأحد.. طغى واستكبر.. وفسد وأفسد.. وأقام الثورة الصناعية.. وأنتج السلاح.. وأهلك الحرث والنسل.. و"ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس".. ظهر إرهاب الحاكمين والمحكومين، والقمع وإراقة الدماء، حتى أنها أصبحت شيئا عاديا، وأصبح من يملك القوة يستعبد الآخرين، وبدا الآخرون عبيدا يتسارعون في النفاق.. مع أنهم خلقوا ليتسارعوا في المغفرة "سارعوا إلى مغفرة من ربكم".

وأدى فساد الإنسان إلى أن يسبب خللا فيما خلق الله.. ويتوقع الخبراء والعلماء، أن تزيد درجة حرارة سطح الأرض أربع درجات بنهاية القرن، إذا لم يفعل ساكنو الأرض شيئا وهنا تكون الطامة الكبرى..

وتقول الدراسات إن زيادة حرارة الأرض في القرن الماضي، كانت ثمانية أعشار درجة، وهذا أدى إلى تغير مناخي واسع؛ بسبب انتشار مصادر الانبعاث الكربوني بالجو المحيط، فما بالك بأربع درجات زيادة..

يعتقد العلماء، أن التزايد الحراري سيؤدي إلى كوارث طبيعية قد تهدد حياة الإنسان، إذا تجاوز درجتين بنهاية القرن الحالي.. أمطار غزيرة في شمال أوربا والهند، وجفاف في جنوب البحر الأبيض المتوسط وبلاد الساحل الأفريقي، وهذا ما يهمنا في مصر مع ارتفاع البحار؛ بسبب تمدد الماء وذوبان الجليد في القطبين، وهذا الذوبان أصبح حقيقة كما تذوب مكارم الأخلاق التي بعث من أجلها سيد البشر (صلى الله عليه وسلم) ونحن ندعي الاحتفال بمولده.. هل نخفف من النفاق ومن يكون أكثر نفاقا للسلطان؟.. هل نعمل العمل الصالح.. وليكن نظافة الطرق مثلا؟.. هل نحافظ على نهر النيل؟.. هل هناك أمل فيما يظنه البعض مجلس النواب؟.. وعلينا أن نعرف أن الدول التي تسهم في الاحتباس الحراري بدرجة كبرى هي الصين والهند والولايات المتحدة.

وفي مؤتمر باريس للمناخ، ناقش أهم مشكلة وهي كيفية الحد من استعمال مصادر الطاقة المسيئة للمناخ دون إعاقة التطور الاقتصادي.. وقد تم اعتماد الحد الأعلى لزيادة الحرارة إلى درجتين فقط، وتساهم الدول الغربية وتساعد الدول النامية على استعمال الطاقة النظيفة.. وعلينا أن ندرك هذا تماما قبل أن يسرقنا الوقت.. بدلا من التناحر العقيم.. وعلى هؤلاء النواب أن يتباروا فيمن يخدم مصر لا فيمن يرأس اللجنة ويخدم السلطة.. وصلوا على من أرسله الله بالهدى ودين الحق في ذكرى مولده الشريف.
الجريدة الرسمية