رئيس التحرير
عصام كامل

من «تولستوى» إلى «فولتير»: خاتم المرسلين في عيون كبار المستشرقين.. جوته: أنا واحد من المبهورين بالنبى الذي اختاره الله الواحد لحمل آخر الرسالات

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

"ما أروع أن ينصفك من يخالفك في العقيدة، وما أفضل أن يصدقك ويعترف برسالتك من يؤمن بدين آخر ولم يرك من الأساس" ما سبق ينطبق على المستشرقين الذين أنصفوا رسالة النبى محمد عليه الصلاة والسلام، وهم كثر.

والمستشرقون هم علماء الغرب الذين اهتموا بدراسة الشرق من كافة النواحى، وخاصة ما يتعلق بتاريخ العالم الإسلامى، ومنهم من من أبى أن يزيف التاريخ ورفض إنكار الحقائق، ولم يخدع الناس، واعترف بنبوة الرسول الكريم، بل ووصفه بأكرم الخصال، ولم يكن ذلك مجرد رأى نابع عن الهوى بل جاء بعد دراسة متعمقة واستنادًا إلى أسس علمية.

جان جاك روسو
البداية هنا مع الفليسوف الفرنسى جان جاك روسو الذي أكد أنه لم ير في العالم رجلا استطاع أن يحول العقول، والقلوب من عبادة الأصنام إلى عبادة الإله الواحد إلا "محمدًا".
"روسو" أضاف: لو لم يكن محمد قد بدأ حياته صادقًا أمينًا ما صدقه أقرب الناس إليه، خاصة بعد أن جاءته السماء بالرسالة لنشرها على بنى قومه صلاب العقول والأفئدة، لكن السماء التي اختارته بعناية كى يحمل الرسالة كانت تؤهله صغيرًا فشب متأملًا محبًا للطبيعة ميالا للعزلة لينفرد بنفسه، ولو أن محمدًا عاش مدة أطول مما عاش، لأصبح الإسلام ورسوله سادة العالم.

جوته
يوهان جوته، الملقب بأمير الشعراء الألمان له مؤلف مشهور بعنوان "الديوان الشرقى للشاعر الغربي"، هو الآخر كان له رأى في الأمر فقد اطلع على القرآن الكريم والسيرة النبوية وكان معجبًا بشخصية الرسول نظرا لما قام به من تأسيس الفكر والدين الإسلامي، وانه لم يقصر حياته على مجرد بث التعاليم الدينية، لكنه استخدم في توصيل رسالته ودعوته وسائل كفاح دنيوية.

وعن هذا الأمر قال "جوته: "لقد بحثت في التاريخ عن مثل أعلى لهذا الإنسان فوجدته في النبى العربى محمد صلى الله عليه وسلم، وإننا أهل أوربا بجميع مفاهيمنا لم نصل بعد إلى ما وصل إليه محمد، وسوف لا يتقدم عليه أحد، وأنا واحد من المبهورين بالنبى محمد الذي اختاره الله الواحد لتكون آخر الرسالات على يديه، وليكون هو أيضا آخر الأنبياء".
جدير بالذكرأن اعجاب أمير شعراء الألمان ظهر خلال أشعاره، وأعماله الأدبية والتي نذكر منها "تراجيديا محمد" هذا الكتاب الذي أنقسم إلى فصلين الأول تحدث فيه عن بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، أما الفصل الثانى فقام بتصوير معاناة الرسول أثناء تبليغه الرسالة وما قاساه من المشركين خلال ذلك.
وعن الرسول قال جوته: "كان الرسول معدًا إعدادًا ربانيًا انفرد به من بين سابقيه من الرسل والأنبياء على كثرتهم".
كما قال"كان رسول الإسلام متواضعًا محبًا للخير وجاءته رسالة الخير، استطاع بحبه لرسالته أن يجعلها تمتد وتنتشر وتضرب جذورها في أعماق النفس البشرية التواقة دائمًا للتعرف على النواحى الإيجابية في الحياة حول العالم".
وعندما بلغ "جوته" السبعين من عمره، أعلن على الملأ أنه يعتزم أن يحتفل في خشوع بتلك الليلة المقدسة التي انزل فيها القرآن الكريم على النبى محمد صلى الله عليه وسلم.

لين بول
المفكر البريطانى لين بول هو الآخر تحدث عن النبى محمد وقال: إن محمدًا كان يتصف بكثير من الصفات؛ كاللطف والشجاعة وكرم الأخلاق، حتى إن الإنسان لا يستطيع أن يحكم عليه دون أن يتأثَر بما تطبعه هذه الصفات في نفسه، ودون أن يكون هذا الحكم صادرًا عن غير ميل أو هوًى، كيف لا؟! وقد احتمل محمد عداء أهله وعشيرته سنوات بصبر وجلد عظيمين، ومع ذلك فقد بلغ من نبله أنه لم يكن يسحب يده من يد مصافحه حتى لو كان يصافح طفلًا! وأنه لم يمرَّ بجماعة يومًا من الأيام -رجالًا كانوا أم أطفالًا- دون أن يسلم عليهم، وعلى شفتيه ابتسامة حُلوة، وبنغمة جميلة كانت تكفى وحدها لتسحر سامعيها، وتجذب القلوب إلى صاحبها جذبًا.

مونتجمرى وات
أما المستشرق البريطانى، مونتجمرى وات، فقد قال عن النبى محمد (ص): إن استعداد هذا الرجل لتحمل الاضطهاد من أجل معتقداته، والطبيعة الأخلاقية السامية لمن آمنوا به واتبعوه واعتبروه سيدا وقائدا لهم، إلى جانب عظمة إنجازاته المطلقة، كل ذلك يدل على العدالة والنزاهة المتأصلة في شخصه. فافتراض أن محمدا مدع افتراض يثير مشاكل أكثر ولا يحلها. بل إنه لا توجد شخصية من عظماء التاريخ الغربيين لم تنل التقدير اللائق بها مثل ما فعل بمحمد.

برنارد شو
الكاتب الإنجليزي، جورج برناردشو تقول، في كتابه "محمد"، الذي أحرقته السلطة البريطانية: إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد، هذا النبى الذي وضع دينه دائمًا موضع الاحترام والإجلال، فإنه أقوى دين على هضم جميع المدنيات، خالدًا خلود الأبد، وإنى أرى كثيرًا من بنى قومى قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح في هذه القارة "أوربا".
وناقش "برنارد شو" بحيادية المفكر وموضوعية العالم مواقف الكنيسة المسيحية من الإسلام في القرون الوسطى وأظهر أنها لم تصدر إلا عن تعصب فيقول: "لقد طبع رجال الكنيسة في القرون الوسطى دين الإسلام بطابع أسود حالك إما جهلا وإما تعصبًا إنهم كانوا في الحقيقة مسوقين بعامل بغض محمد ودينه فعندهم أن محمدًا كان عدوًا للمسيح ولقد درست سيرة محمد الرجل العجيب وفى رأيى أنه بعيد جدًا من أن يكون عدوًا للمسيح إنما ينبغى أن يُدعى منقذ البشرية".

وقال أيضا: "قرأت حياة رسول الإسلام جيدًا، مرات ومرات لم أجد فيها إلا الخلق كما يجب أن يكون، وأصبحت أضع محمدًا في مصاف بل على قمم المصاف من الرجال الذين يجب أن يتبعوا".
وأوضح أنه: "لو أن محمدًا وجد في هذا العالم اليوم لاستطاع بقوة إقناعه أن يحل كل مشكلات العالم وان يجعل الحب والسلام هم الحياة، ولاشك أن الإسلام ونبى الإسلام، استطاعا أن يجعلانى أقف باحترام شديد للرسالة ورسولها وتمنيت دائمًا بأن يكون الإسلام هو سبيل العالم فلا منقذ له سوى رسالة محمد".

تولستوي
في ذات السياق قال الأديب العالمي، ليو تولستوي، الذي يعد أدبه من أمتع ما كتب في التراث الإنسانى عن الرسول الكريم: "يكفى محمدًا فخرًا أنّه خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على وجوههم طريقَ الرُّقى والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم لانسجامها مع العقل والحكمة.
وقال الأديب الروسي: "لا يوجد نبى حظى باحترام أعدائه سوى النبى محمد مما جعل الكثرة من الأعداء يدخلون الإسلام، وأنا واحد من المبهورين بالنبى محمد، الذي اختاره الله الواحد لتكون آخر الرسالات على يديه وقلبه وعقله، ليكون هو أيضًا آخر الأنبياء حيث لم يأت ولن يأت بعده جديد، اعتراف محمد بالأنبياء الذين سبقوه بتكليف من الإله الواحد ليقدموا البناء الاجتماعى العالمى الذي جاء يستكمله دليل لا يقبل الشك فقد جاء محمد ليستكمل بالإسلام البناء الاجتماعى للإنسان في كل مكان". ويكفيه فخرًا أنه هدى أمة برمتها إلى نور الحق، وجعلها تجنح للسكينة والسلام، وفتح لها طريق الرقى والمدينة".

فولتير
الشاعر والكاتب الفرنسى فولتير وصاحب حركة الاستنارة الفرنسية في القرن الثامن عشر والذي كان يؤمن بالتسامح الدينى عندما تحدث عن رسول الإسلام قال: "السنن التي أتى بها محمد كانت كلها ما عدا تعدد الزوجات قاهرة للنفس ومهذبة لها، فجمال تلك الشريعة وبساطة قواعدها الأصلية جذبا للدين المحمدي، أممًا كثيرة أسلمت".

ونفى "فولتير" ما يتردد حول أن الإسلام استولى قهرًا وبالسيف على أكثر من نصف الكرة الأرضية، حيث قال: "هذه شائعات تحاول أن تقلل من قيمة الإسلام ورسوله، وأن الدليل على ذلك أن كثيرين اعتنقوا الإسلام وهم بعيدون عن بلاده وغزواته وفتوحاته، فكيف إذن وصلهم السيف الذي يدعيه مؤرخونا وخطباؤنا".
الجريدة الرسمية