رئيس التحرير
عصام كامل

اعمل عبيط !!


بداية.. أؤكد أن كلمة أو عبارة "اعمل عبيط" ليس إساءة لأحد وليس رميًا لأحد -لا سمح الله- بعلة العبط !

"اعمل عبيط".. هو مبدأ أو أسلوب متبع من كثيرين منا في غالبية أمور حياتنا -ولا أستثني نفسي- فكثيرا ما أقوم باتباع المبدأ بعمد أو بدون، وأنته أيضًا إذا ما دققت النظر جيدًا، فستجد نفسك تقوم بتطبيق مبدأ "اعمل عبيط"، وحتمًا ستجد كثيرين ممن هم حولك يطبقون ذات المبدأ!


"اعمل عبيط"، أيضًا أسلوب يتبعه وينفذه كثيرون ممن نتابعهم على شاشات التليفزيون، من المسئولين التنفيذيين أو السياسيين أو الإعلاميين أو نجوم المجتمع !

"اعمل عبيط".. أسلوب سهل وبسيط، ولا يحتاج إلى تفكير كثير أو إجهاد للعقل أو النفس، أيضًا سبب انتشار هذا المبدأ على نطاق واسع في المجتمع يرجع إلى أن كل من يتبع المبدأ، يجد قبولا واستحسانًا من الطرف الآخر في أي محاورة أو مداولة، فذلك الطرف -أيًا كان- إما يكون هو الآخر عامل فيها عبيط، أو على الأقل لا يرفض ولا يستهجن "العبط" الذي يطرح أمامه !

"اعمل عبيط".. مبدأ ستجد الحكومة ملتزمة به وتنفذه بكل ارتياح، ودون أي خجل أو شعور بالذنب، في موضوعات كثيرة جدا جدا، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر، موضوع إضافة رسوم النظافة على فاتورة الكهرباء ويتم تحصيله شهريا من كل الناس، الفقراء قبل الأغنياء، ورغم هذا فإننا نلمس تكدس القمامة في الشوارع بشكل مسيء ومضر! وعندما تثار هذه القضية وما تشكله من مظهر غير حضاري و.. و.. و..، تجد المسئول الحكومي المعني بالمسألة يعلن أن مشكلة انتشار القمامة في الشوارع، سببها شركات النظافة الأجنبية التي تعاقدت معها الحكومة بعقود لمدد طويلة، ولا تملك أن تراجعها أو تحاسبها، ويزيد المسئول في تصريحاته ويقول إن الحكومة مدينة لهذه الشركات الأجنبية بمديونيات كبيرة ويصدمك المسئول بالقول إنه لا مفر أمامنا سوى الانتظار لحين انتهاء مدة التعاقدات مه هذه الشركات، ما يعني بحسب المسئول الحكومي أن القمامة ستظل تملأ شوارعنا لحين انتهاء تلك العقود!

المثير أننا ونحن نتابع أو نسمع هذا المسئول، أو غيره ممن يتحدثون بمنطق أو مبدأ "اعمل عبيط"، اتبعنا مبدأ "اعمل عبيط" دون أدنى مقاومة، لم نرد على ذلك المسئول الذي يدعي أن الحكومة مدينة لشركات النظافة الأجنبية، لم نرد عليه ونقول له إننا ندفع رسوم النظافة وبانتظام وبالإكراه ومنذ تم التعاقد مع تلك الشركات، ولم نقل له إن حسبة بسيطة لجملة رسوم النظافة التي يتم تحصيلها مع فواتير الكهرباء من أكثر من 30 مليون مواطن لديهم عدادات كهرباء ـ بحسب إحصاءات وزارة الكهرباء ـ وبمتوسط 10 جنيهات فقط من كل مشترك سنويًا سنجد أننا أمام مبلغ يقترب من الأربعة مليارات جنيه سنويًا، وهو مبلغ يفوق عدة أضعاف من المستحقات السنوية لشركات النظافة الأجنبية ! لم نقل للمسئول أين هذه المليارات ؟

وذات المبدأ ينطبق على قضية قيمة تذاكر ركوب مترو الأنفاق، التي اعتدنا كل فترة على خروج مسئول حكومي بتصريحات يقول فيها إن الدولة تدرس زيادة قيمة التذكرة لتعويض الخسائر الفادحة التي يحققها مترو الأنفاق، لم نرد على ذلك المسئول ونقول: يا عم المسئول.. إن غالبية ماكينات التذاكر في محطات المترو معطلة، ما يعني أن غالبية الركاب يقومون بالتزويغ من قيمة التذاكر ويتنقلون مجانا !.. لم نقل له يا عم المسئول إسعى أولا إلى تصليح ماكينات التذاكر في المحطات، وربما يؤدي هذا إلى تحويل خسائر المترو إلى أرباح، أو على الأقل يؤدي إلى تقليل الخسائر بشكل كبير !

مجموعة كبيرة من نواب البرلمان الجديد، وقبل أن يبدءوا مهمتهم تحت القبة، استهلوا عملهم بإثارة ضجة حول إقصاء الأمين العام السابق لمجلس النواب وتعيين أمين عام جديد، وبدأ كثيرون يهددون ويتوعدون الحكومة ووزراءها بسحب الثقة منهم بسبب هذا الموضوع، وترك النواب البلاوي التشريعية المكدسة التي تنتظرهم، والتزموا بمبدأ "اعمل عبيط" !

وبخلاف هذه الموضوعات والقضايا التي أشرت إليها، سنجد أننا محاطون بقضايا وموضوعات كثيرة جدًا مشابهة، وسنجد أننا جميعًا غارقون ومنهمكون ومستمتعون بتطبيق مبدأ "اعمل عبيط"، ولا يبدو أننا غاضبون أو مستاءون من الالتزام بمبدأ "اعمل عبيط"!

الجريدة الرسمية