رئيس التحرير
عصام كامل

هل يحسن النواب الجدد تقديم أنفسهم؟!


وأيا ما تكن ملاحظات أو تحفظات البعض عن ملامح وبيئة تشكيل البرلمان الجديد، فإن أنظار الملايين تتطلع إلى جلسته الإجرائية الأولى، ليروا أداء نوابهم الذين اختاروهم بمحض إرادتهم ليمثلوهم تحت قبة البرلمان.. تتطلع الملايين لاختيار رئيس مجلس النواب ووكيليه، وكذلك رؤساء اللجان فيما بعد.. ولا تزال في حلوقهم مرارة من أداء برلمان 2012 ذي الأغلبية الإخوانية، خصوصًا في جلسة أداء اليمين الدستورية وما صاحبها من مهازل ومهاترات وسقطات، خرج بها البعض عن روح الدستور ونصوصه حين جرى العبث بصيغة القسم الدستوري الملزمة والاستهانة بلائحة المجلس، فأضاف من عنده ألفاظًا عليها، فمنهم من أضاف عبارة "وبما لا يخالف شرع الله" أو عبارة "حتى إكمال مطالب الثورة"، بل إن بعضهم بلغت به المزايدة على الثورة مداها فطالب بالقصاص من قتلة الشهداء ومحاكمتهم في ميدان التحرير.. متجاهلين سلطة القضاء التي بيدها تطبيق القانون وعقاب الجناة بما توفر لديها من وقائع وأدلة ثبوتية، بعيدًا عن مغازلة الشارع أو التأثر بما يجرى على الساحة السياسية.. ولم يتورع هؤلاء النواب في إهدار مبادئ الدستور وإهانة عضوية البرلمان والتدخل في أحكام القضاء وإهدار قدسيته.


كانت جلسة إجراءات برلمان الإخوان - إن صح التعبير - مهزلة مأساوية؛ إذ لم يكن هناك سبب معقول لاختلاق خلاف وهمي فرض نفسه على تلك الجلسة اللهم إلا استعراض القوة ومغازلة الشارع والشو الإعلامي الذي ساعد عليه إذاعة الجلسة تليفزيونيًا، وهو ما أساء لصورة هذا المجلس، وفضح ممارسات أعضائه، وكشف عن حقيقة نواياهم تجاه الوطن.. الأمر الذي حرك أسئلة عديدة لدى الجماهير العريضة، فإذا كانت البداية خلافًا على إجراءات شكلية لا جدال فيها، فكيف سيتوافقون على الحلول والبدائل في القضايا الخلافية والأزمات المزمنة التي تعرقل التنمية والنهوض بالبلاد.. والحمد لله أن المهزلة لم تستمر طويلًا؛ إذ سرعان ما حُل المجلس بحكم الدستورية العليا الذي أسدل الستار على أسوأ برلمان عرفته مصر في تاريخها الحديث.

وما نأمله أن يقرأ النواب الجدد دروس الماضي وتاريخ البرلمانات السابقة، وكيف أن ما بقي منها في أذهان المواطنين هو أداء برلمانيين عظام أخلصوا الولاء لهذا الوطن فخلد التاريخ ذكرهم.. نرجو أن يحسن النواب الجدد تقديم أنفسهم للداخل والخارج، وأن يبعثوا برسائل تفاؤل وطمأنة على المستقبل الذي صار في يدهم مفاتيحه.. فعليهم تنعقد الآمال في تحقيق عيش كريم وعدالة اجتماعية وحرية وديمقراطية ونهضة منشودة، وهذا أقل ما يجب تقديمه لــ30 يونيو، التي أزاحت حكم الإخوان ليشرق فجر الحرية ويغمر بنوره الساطع أرجاء البلاد.
الجريدة الرسمية