رئيس التحرير
عصام كامل

«القدس.. أزمة الرحلة».. شنودة الثالث رفض طلب السادات بمرافقته لإسرائيل.. تواضروس الثاني قرر الصلاة على «الرجل الثاني».. «نافعة»: الزيارة لا تصب بمصلحة القضية الفلسطينية..

البابا تواضروس والبابا
البابا تواضروس والبابا شنودة

"أرجوكم إبلاغ الرئيس أننى لا أرى الوقت مناسبًا لتنفيذ اقتراحه".. الجملة السابقة لا تتعدى كونها الرد الذي طالب الراحل البابا شنودة الثالث، إبلاغه للرئيس الراحل أنور السادات، عندما أرسل إليه الأخير طالبًا بأن يرافقه في زيارته للقدس.


"شنودة الثالث" كان حازمًا في الأمر عندما قال: "لن نذهب إلى القدس إلا وأيدينا في أيدي شيخ الأزهر ومفتي الجمهورية وإخواتنا المسلمين".. المثير هنا أن مفتى الجمهورية ذهب إلى القدس، وشيخ الأزهر لم يذهب، وجاء البابا تواضروس الثانى ليكسر القاعدة ويقرر أن تلامس قدماه أرض فلسطين.

تعامل البابا
كيف تعامل البابا تواضروس مع الأمر؟ هل اتخذ القرار منفردًا أم أنه ترك مساحة للمناقشة؟ وهل الوضع العام يسمح له بتلك الخطوة دون وقوع خسائر؟ أسئلة عدة تواكبت مع قرار البابا تواضروس الثانى، بالذهاب إلى الأراضي المحتلة، أصوات طالبت بـ"مزيد من الرحلات"، وأصوات أخرى أعلنت رفضها القاطع "رحلة البابا"، وما بين فريق يطالب بالاستمرار في الأمر، وإخراج زيارة البابا من المعادلة السياسية، وفريق ثانٍ يرى أن القضية لا تحتاج لـ"رحلة بابا"، بقدر ما هي في أمس الحاجة لخطوات حقيقية تزيل جزءًا من آلام الشعب الفسلطيني.

ليست في مصلحة فلسطين
بداية قال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية: زيارة الأراضى المحتلة في وقتنا الحاضر، وتحديدًا زيارة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، لم تكن أبدًا في مصلحة القضية على الإطلاق، كما أنها تفتح باب التطبيع مع إسرائيل وتسيئ إلى موقف الكنيسة الوطني، وهناك الآن قطاع من المسيحيين يرى أن زيارة البابا للقدس تفتح باب الحج مرة أخرى.

"نافعة" أكمل بقوله: رغم هدف الزيارة المعروف، والمتمثل في المشاركة في نياحة بابا القدس فإنها كانت خاطئة من الناحية السياسية وكان من الأفضل عدم الإقدام عليها لأنها تثير أزمات سياسية نحن في غنى عنها على الإطلاق.

الوقت لا يسمح
في ذات السياق قال عمار على حسن، الباحث في العلوم السياسية: الوقت الحالي لا يسمح بفتح باب الزيارة إلى القدس حتى لا تفهم أنها لفتح باب التطبيع مع الكهيان الصهيوني، والدليل الأكبر على ذلك مدى احتفاء الجانب الإسرائيلي بالزيارة وأيضًا مدى اهتمام وسائل الإعلام العبرية بها.

"عمار" تابع قائلا: الزيارة يمكن وصفها بالقرار غير الصائب وغير الحكيم في الوقت الحالي رغم أن هدفها كان تكريمًا لروح مطران القدس عقب وفاته؛ لأن الوضع يختلف عن أي وقت سابق أصرت فيه الكنيسة المصرية على عدم دخول القدس إلا بعد تحريرها.

طقوس دينية
فيما قال جورج إسحق، مقرر لجنة الحقوق المدنية والسياسية، بالمجلس القومى لحقوق الإنسان: زيارة القدس ليست في الصالح الفسطينى، كما أن البابا تواضروس الثانى لم يكن في زيارة للقدس، لكنه كان يؤدى طقوسا دينية، والثوابت تؤكد أنه لا زيارة للقدس إلا عندما تتشكل دولة فلسطينية، لكنه في حدوث طوارئ، مثلما حدث مع البابا تواضروس فلا حرج من الزيارة".

القدس عربية
على الجانب الآخر قال أكد الدكتور عمرو هاشم ربيع، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية: زيارة القدس تصب في صالح القضية الفلسطينية؛ نظرًا لأن القدس عربية، وفى حالة عدم الذهاب إليها، تكون يهودية، لابد من الذهاب إلى القدس، حتى تكون عربية، حيث إن عدم الزيارات إلى هناك، تجعلها يهودية، وأن عدم الزيارة ليس في الصالح الفسطينى".

"ربيع" ألمح أيضًا إلى أن معظم الفلسطينين يريدون زيارة العرب إلى هناك؛ نظرًا لأن المقاطعة تكون في صالح العدو الصهيونى، وليس في صالح القضية الفلسطينية.

ملتزمون بالحظر
أما الدكتور عماد جاد، الباحث في الشئون الإسرائيلية فقد أكد أن المصريين ملتزمون بحظر زيارة القدس على خلفية توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل.

"جاد" أشار أيضًا إلى أن الجانب الفلسطيني هو من يحدد أن الزيارة داعمة أم ضد دعم للقضية الفلسطينية، والشعب الفلسيطني هو الطرف الوحيد الذي يمتلك أن يحدد فتح الزيارة السياحية والدينية القدس.

دعم للفلسطينيين
فيما أكد البرلماني السابق الدكتور فريدي البياضي، القيادي بحزب المصري الديمقراطي، أن زيارة الأراضي الفلسطينية تعد دعمًا للفلسطينين أنفسهم، لأن "الفلسطينيين يطالبون العالم أجمع بزيارتهم"، على حد قوله.

وشبه سفر المصريين إلى الأراضي المحتلة بزيارة السجين، حيث قال: هذا أمر وارد لأنك لا تزور السجان، كما أن الزيارة تأتي عن طريق بوابة فلسطين وليس عن طريق بوابة "تل أبيب".

ورد البرلماني السابق على من يجرم زيارة فلسطين باعتبارها اعترافًا بقوات الاحتلال بجانب ضياع حقوق الفلسطينين في أرضهم، بقوله: اتفهم الحساسية التي لديهم لكن زيارة فلسطين من عدمها لن تمنع الكيان الصهيوني من ممارسة أفعالة الوحشية ضد الشعيب الفلسطيني.

التناقض
أما الأنبا يوحنا قلتة، النائب البطريركى للأقباط الكاثوليك، فقد قال: إن لم تحترم الدولة أو الكنيسة حرية الأفراد وإرادتهم، فهذا يتناقض مع حقوق الإنسان وزيارة القدس حق من حقوق الإنسان مسلمًا كان أو مسيحيًا، مؤكدًا أنه ليس للكنيسة منع أحد من الذهاب للقدس.

وأضاف «قلتة» قائلا: الدولة لها حق حظر زيارة أي دولة حال مساس الأمر بالأمن القومى أو سيادة مصر، والدولة لم تمنع أحدًا من زيارة القدس، كما أن الفلسطينين أنفسهم يريدون زيارة المصريين للأراضي المقدسة.

النائب البطريركى للأقباط الكاثوليك، استشهد بموقف حضره في عهد الراحلين ياسر عرفات والبابا شنودة الثالث حينما طالب الأول البطريرك بتشجيع زيارة المصريين مسلمين ومسيحيين لفلسطين، لأنها عضد وعون لهم، وقال نصًا: "إن الزيارة رسالة واضحة لإسرائيل بان العرب لن ينسى القدس.

من العدد الورقي..
الجريدة الرسمية