رئيس التحرير
عصام كامل

نحل لا ينتج عسلا


سعدت كثيرًا عندما استمعت إلى فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطابه الأخير، وخصوصًا عندما قال إن الشعوب هي التي تعمل الحكومات؛ وذلك لأن هذا الكلام يطابق تمامًا ما ذكرته في مقالتي الأخيرة (الحكومات مرآة الشعوب)، وشعرت بأن الرئيس قرأ مقالتي أو أن هذا توارد أفكار.


وذكرني هذا الكلام بطوائف النحل التي ما عادت تنتج عسلا حتى لا يأكله البشر، فماتت جوعًا وحدث للخلية حالة التطريد (الهروب الجماعي للنحل في حالة زيادة أعداد الأفراد في الخلية)، ولكن هذه المرة لسبب آخر وهو هجرة الوطن والسطو على خلايا أخرى، فعاش الأفراد مشردين يريدون العودة إلى خليتهم ولكن قد فات الأوان، ولا يجدون خلايا أخرى ترحب باستضافتهم فعاشوا في الجبال وبدأوا في إنتاج عسل بما تبقى في أجوافهم من رحيق إبان ما كان لهم خلية تأويهم، ولكنهم اكتشفوا أن هناك بعض البشر يسرقون هذا العسل الخام ويبيعونه أغلى بكثير من العسل الذي كانوا ينتجونه في الخلية، وهم الذين كانوا يعيشون في جماعات منظمة لها قانون يحترمه جميع أفراد الخلية، وقانون يحترم بين الخلايا بعضها البعض، وقانون آخر يفرض تبادل المنفعة بينهم وبين البشر، فالبشر يزرع النباتات وهم يقومون بتلقيحها أحيانًا، وأحيانًا أخرى يمتصون رحيقها وحبوب لقاحها ليحولوها إلى عسل.

فتذكر جميع أفراد النحل الكارثة التي فعلوها في أوطانهم، وهذا مثال صريح لما يفعله البعض منا في الوطن، فجزء من أفراد الوطن يبني والآخر يهدم.. الأول يبني للبناء والآخر يهدم للهدم فقط لا غير.. وفي الآخر نجلس جميعًا نصرخ على فقد أوطاننا، ونُسقط هذا فقط على الحكومات لا على أنفسنا، متناسين أن النحل هو من صنع الملكة لتتسيد الخلية، وليس العكس، ثم يأتي دور الملكة في وضع البيض الذي ينتج الشغالات والذكور، ولا يأتي هذا بالعكس، فالشعوب هي التي تنتج الحكومات وليس العكس، وهي التي تنتج الخير لأنفسها وللعالم من حولها، وتأتي دور الحكومات في تنظيم ما اعتاد عليه الجموع، وعمل القوانين التي تفرض نفسها من الواقع الحياتي اليومي لهذه الجموع.

وهؤلاء هم الدول المتقدمة؛ لأنها تتقدم بالنظام واحترام العمل واحترام النفس واحترام الآخر، ونحن نخسر أنفسنا وأوطاننا؛ لأننا نعمل عكسهم في كل شيء..  فلنا الله.
الجريدة الرسمية