رئيس التحرير
عصام كامل

مفاوضات «نفى المعزول».. رئيس حزب الوسط يغازل السلفيين بعد نتائج المرحلة الأولى بأصوات الكيانات الإسلامية.. واجتماع مع شيوخ الدعوة للاتفاق على «منفى مرسي».. والسعودية الوجهة حال الم

الرئيس المعزول محمد
الرئيس المعزول محمد مرسي

على أية أرضية يتحرك المهندس أبو العلا ماضى، رئيس حزب الوسط، أرضية الجماعة أم أرض الوطن أم رقعة شطرنج يدرك مكانه عليها؟.. الرجل الذي صاحبت عملية إطلاق سراحه العديد من التحليلات، أبرزها احتماليه أن يلعب دورا في تقريب وجهات النظر، بين الجماعة التي انشق عنها فيما مضى، وعاد إليها بعد واقعة الانشقاق بسنوات عدة، ودخل السجن بوصفه واحدا من داعمى سياستها العنيفة.


الوقوف على مكان "ماضى" يمكن التنبؤ به، فالرجل تاريخه السياسي يؤهله دائما للعب دور "حمامة السلام" أو "مهندس الصفقات"، خرج من السجن، ليتحدث الجميع عن "صفقة خروج آمن"، لكن ما هي إلا أشهر قليلة، وبدأ اسم "ماضي" يعود من جديد للساحة السياسية لكن تحت شعار "صفقات الوقت الضائع".

"ماضي" الذي ملأ الدنيا ضجيجا بأنه كفر بـ"دين الإخوان السياسي"، هو ذاته الذي اتخذ مقرا لحزبه مجاورا لمكتب إرشاد الجماعة، الذي كان كائنا، في المقطم، وهو ذاته الذي حاول إمساك عصا الثورة من المنتصف فـ"دعم مرسي" ولم ينس أن يلتزم الحياد تجاه نظام 30 يونيو.

تحسس خطوات "أبو العلا" ومتابعته أمر قام به عدد من المراقبين للمشهد السياسي المصري، الذين أكدوا بدورهم أن خروج رئيس حزب "الوسط" لا يتعدى كونه حلقة جديدة من حلقات "المراوغة السياسية"، مستندين في رأيهم هذا إلى الكم الهائل من المعلومات التي تخرج إلى النور بعد لحظات من بروز اسم "ماضى" والتي كان آخرها اللقاءات المكثفة التي عقدها مع رموز الدعوة السلفية للاتفاق على منحه دعم الكيانات الموالية له مقابل تمرير "المصالحة مع الجماعة" بعد وصول نواب "النور" إلى البرلمان.

كانت قد انفردت "فيتو" قبل أسابيع بتفاصيل مساعي أبو العلا ماضي، رئيس حزب الوسط المفرج عنه مؤخرًا للتواصل ما بين الدولة المصرية وجماعة الإخوان ليكون حلقة وصل في حل الأزمة بين الدولة والجماعة، فعقب الإفراج عن أبو العلام ماضي يوم 8 أغسطس، توجه في اليوم الثاني مباشرة إلى مقر حزب الوسط بالمقطم ليبعث رسالة سياسية واضحة المعالم "أنا خارج الأسوار للعمل السياسي والبحث لحزب الوسط عن دوره المفقود"، وسرعان ما تلقف أعضاء ما يسمى بتحالف دعم المعزول الرسالة وبدأت وفودهم تحج إلى المقطم، وعلى رأسهم أسامة حافظ رئيس مجلس شورى الجماعة لإسلامية "أمير الجماعة"، وعماد عبد الغفور رئيس حزب الوطن، وعدد من قيادات الكيانات الحزبية والسياسية الموالية للجماعة الإرهابية.

عدم حدوث جديد على أرض الواقع كان سببا رئيسيا في خفوت نجم "ماضى" لكن الأيام القليلة الماضية شهدت ما يمكن وصفه بـ"عودة الروح" لـ"مهندس الوسط" وهو أمر كشفته شخصيات مقربة منه، بتأكيدها أن "ماضى" الذي يتعامل البعض معه كونه آخر الأصوات المعتدلة داخل التيار الإسلامى، بدأ يمد خيوط الوصل مع قيادات ومشايخ الدعوة السلفية، وذراعها السياسية حزب النور، مستغلا في ذلك الهزيمة النكراء التي منيت بها الدعوة ومن قبلها النور خلال الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية، التي لم يتمكن خلالها "النور" سوي من حصد 9 مقاعد فقط.

نتائج "النور" كانت بمثابة "إشارة تحرك" فهمها "ماضى" بسرعة، وبدأ يتعامل مع الأمر كونه "منقذ الإسلاميين" من "فخ الانتخابات" الذي يقدم نفسه لـ"قيادات النور" كونه جزءا من الحل، وليس طرفا في الأزمة السياسية التي احتدمت بين السلفيين وبقية قوى التيار الإسلامي قبل أيام قليلة من اندلاع تظاهرات 30 يونيو التي انتهت بـ"عزل مرسي".

المصادر ذاتها، أكدت أن "ماضى" عقد مؤخرا لقاءات مع قيادت النور السلفي وعلى رأسهم "أشرف ثابت والسيد خليفة ومحمد إبراهيم منصور" الثلاثة الكبار داخل حزب النور، وتوضيحه لدوره خلال المرحلة المقبلة وهي تكوين لوبي تيار ديني جديد يتبنى أفكار واتجاهات مناصرة للدولة وتتخذ من المعارضة السلمية سبيلا للتعبير عن رفضها لما آلت إليه الأمور عقب 30 يونيو وما يواجهه التيار لديني من رفض مجتمعي في الشارع المصري وفي أروقة السلطة وبين جنبات القوى السياسية.

وأشارت المصادر ذاتها إلى أن الحوار دار حول كيفية لم شمل التيار الديني وإنهاء الخلاف الواقع ما بين أبناء التيار الديني، حيث عرض "أبو العلا" تقديم يد العون للنور ومنحه قبلة الحياة مرة أخرى والمنافسة بقوة على مقاعد البرلمان من خلال دعوة أنصاره للتصويت لصالح مرشحي النور في المرحلة الثانية من الانتخابات.

المتابع الجيد لنشاط "ماضى" يكشف أنه يمتلك – بالفعل- كتلة تصويتية تتيح التفاوض مع "السلفيين" حيث إنه يمتلك توجيه الجماعة الإسلامية وحزب الوطن والبناء والتنمية والعمل والرعيل الرافض للعمل المسلح من المنشقين عن جماعة الإخوان، بجانب محاولته التوسط لدى لقيادت الدينية السلفية لإعلان دعمهم لـ"النور"، وتوجيه قواعد الإخوان المتماسكة منها إلى تخفيف وطأة الهجوم على النور والدعوة السلفية ومحاولة إدراك خطورة اللحظة الآنية فقط للحفاظ على وجود سبيل لعودة التيار الديني ولو بقوة أقل بكثير، ليتمكن من تكوين "لوبي" داخل مجلس النواب يمكنهم من تمرير المصالحة من خلاله.

وأوضحت المصادر أن "أبو العلا" عرض على النور مطالبه وسعيه لوضع بنود للمصالحة إلا أنه مع حالة الرفض الشعبي لتلك المصالحة لن يستطيع أن يمرر مبادرته خاصة لموقف الدولة المتفاوت فهي تارة تفرج عن مجموعات شبابية على شكل دفعات وتارة تواصل حملات القبض لممنهجة ضد قيادات وكوادر موجهة لهم اتهامات من نوعية قلب نظام الحكم أو الانتماء للجماعات الإرهبية.

ويرى ماضي، وفقا للمصادر، أن وجود النور في البرلمان فرصة جيدة لعرض فكرة المصالحة عبر إحدي مؤسسات الدولة، وهي المؤسسة التشريعية، حتى يدار حوار مجتمعي بشأنها، وبالتالي يصبح كل من المجتمع والدولة، وعناصر التيار الإسلامي مهيأين لفكرة المصالحة.

وكشفت المصادر أن حوارات ماضي مع قيادات النور تطرقت أيضا إلى تفاصيل فكرة المصالحة، عندما أكد له قيادات النور أنهم من المستحيل أن يتبنوا في البرلمان المقبل فكرة مصالحة تتضمن عودة مرسي، باعتبارهم مشاركين في عزله.
من جانبه أكد "ماضى" أن أي مبادرة للتصالح لن تتضمن هذا الأمر، ولن تتم الإشارة إليه من قريب أو بعيد، لافتا النظر إلى أنه يمكن حال التوافق على خروجه أن يخرج إلى إحدى الدول الخليجية، وتحديدا المملكة العربية السعودية.

طرح حل "النفى إلى المملكة" دفع أحد قيادات النور لمقاطعة "ماضى" والإشارة إلى أن "مرسي" من الممكن أن يختار الرحيل إلى قطر أو تركيا نظرا لما تتمتع به الجماعة هناك من ثقل وعلاقات متينة مع أنظمتها الحاكمة فقط يمكن نفيه إلى السعودية لكونها الأقرب للنظام المصري أو أي دولة أخرى، إلا أن أحد قيادات "النور" أدلى بدلوه بخصوص سفر "مرسي" في الخارج موضحًا توقعه رفض سفره إلى أي من البلاد التي تعادي النظام المصري على شاكلة قطر أو تركي، لوجود حساسية مفرطة ما بين الدولتين وهجومهما على النظام المصري بضراوة، وعلى إثره اتفق الطرفان على أن يكون مرسي خارج الحسابات بشكل مؤقت، وأن يتم التفكير في الأمر لفترة وجيزة لاقتراب إجرء المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية