مهازل الوفود المصرية في شرم الشيخ!!
ولأننا شعب «عشوائي»- إلا قليل- فإن تصرفاتنا تكون أيضًا عشوائية، وقتية، لحظية، انفعالية.. ما قد يؤدي إلى عكس ما نبغي؛ تمامًا كما فعلت الدبة التي قتلت صاحبها، وهي متوهمة أنها تدفع عنه مكروهًا..
أضف إلى عشوائيتنا أننا نموت في «الزيطة والزمبليطة» زي عينينا.. ندمن تكرار أخطائنا بنفس الوتيرة، ونتفنن في الحفاظ على سلبياتنا كما هي.. وها هي مهزلة، أو فضيحة «صفر المونديال» تتكرر بشكل أفضح مع «صفر السياحة».
في 15 مايو 2004 تقدمت مصر بملف تنظيم كأس العالم 2010، والذي فازت به جنوب أفريقيا، وهو الملف الذي أطلق عليه المصريون فيما بعد «صفر المونديال».. فقد تمخضت أفكارنا العبقرية للترويج لهذا الملف بأشياء غريبة، ما أنزل الله بها في «علم الدعاية» من سلطان.
أتذكر يومها أننا استعنا بفنان بحجم وقامة النجم الراحل عمر الشريف، لكننا لم نحسن توظيفه، والاستفادة من نجوميته العالمية.. واكتفينا بالترويج الداخلي، وطافت فرقة حسب الله السادس عشر، والريس متقال محافظات الجمهورية، مصحوبة بالرقص والزمر والطبل البلدي، وكأننا كنا نستحث هذه المحافظات على «التصويت» لجمهورية مصر الشقيقة؛ حتى حصلنا على هذا «الصفر المهين»؛ ليضاف إلى الأصفار التي حصلت عليها حكومات الحزب الوطني المنحل!
نفس الأمر يتكرر مع السياحة الآن.. فعقب سقوط الطائرة الروسية في سيناء، بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ، وإجلاء السياح البريطانيين والروس من مصر، وتوقف الرحلات الجوية إلى مصر... تفتق الذهن المصري الدعائي العبقري بالترويج للسياحة بالذهاب فرادى وأفواج ووفود إلى شرم الشيخ.. وشوية أغاني ورقص وطبل.. وشعارات «الحياة وردية»، والدنيا «ميت فل وأربعتاشر».. ومش هيفرق معانا «تلاتة أربعة مليون سايح»!
إن السائحين الذين تستقبلهم المقاصد المصرية مجتمعة كل عام- نحو 7 ملايين سائح- «حاجة تكسف» بجانب الذين يقصدون «تقاطع ومبنى التايمز سكوير في نيويورك»، الذي يحتل رأس القائمة بأكثر 35 مليون سائح سنويًا، يليه مباشرة حديقة النصب التذكاري «ميموريال بارك» في واشنطن بأكثر من 25 مليون سائح سنويًا.. ويكفي أن أقول لك إن الزائرين لـ«متحف اللوفر» بفرنسا فقط، يفوق عدد الذين تستقبلهم مصر سنويًا..!
إذن ماذا يجب علينا فعله؟
أولًا: ألف باء حل أي مشكلة أو أزمة، هو«الاعتراف بها»، لا تجاهلها، أو التقليل من آثارها.. نعم لدينا أزمة، وأزمة مستفحلة لا يمكن إنكارها أو التعامي عنها.. لدينا أزمة في السياحة، أزمة دعاية، أزمة ترويج، أزمة إدارة، أزمة تعامل مع السائح، أزمة مسئولين يرى أحدهم أن المصريين يمكنهم العيش بـ«اتنين جنيه».. أزمة ضمير في غرفة العناية المركزة، وبحاجة إلى صدمة كهربائية!
ثانيًا: مطلوب خطة عاجلة؛ للتحرك نحو «الخارج»، ومخاطبة باللغة التي يفهمها ويجيدها، لا تلك اللغة التي تعتمد على «الفهلوة»، و«كله تمام يا فندم»!
ثالثًا: توقف بعض الإعلاميين الذين يتقمصون دور «الست بهانة العجَّانة»، عن توجيه إهانات لدول وحكومات حافظت على رعاياها، وأمرت بإجلائهم من مصر.. والاستعانة بشخصيات دولية، وإعلاميين عالميين يحظون بسمعة طيبة للترويج لهذا الملف، وشرح عقلاني لما يحدث في مصر الآن.. ثم التوقف الفوري عن هذا «السفه» الذي تفعله بعض القنوات؛ بحجة أنها تروج للسياحة!!
رابعًا: العمل على جذب وتشجيع السياحة الداخلية، والاهتمام بالسياحة العربية، ولا نكتفي بأن «نبوس إيدينا شعر ودقن» بالفوجين أو الثلاثة الذين أرسلهم خادم الحرمين الشريفين!!
خامسًا: زيادة الوعي الأمني، وإعادة النظر في الرسوم والأعباء الضريبية على كل ما يتعلق بالنشاط السياحي.
سادسًا: تشجيع البنوك على الاستثمار السياحي. ثم ضرورة تفعيل وتنفيذ نظام الشباك الواحد لجميع التراخيص الخاصة بقطاع السياحة، بدلًا من سياسة «دوخيني يا لمونة»!