رئيس التحرير
عصام كامل

مصر ترفض «منحة السماء».. 51 مليار متر مكعب سنويا من الأمطار مهدرة.. إثيوبيا تزرع أراضيها من «السيول».. تخزن مياه النيل للكهرباء.. وخبراء يطالبون بـ«خزانات صحراوية» ووزارة

وزارة الري
وزارة الري

القلق وحده سيد الموقف داخل وزارة الري، فجنوبًا يقف سد النهضة الإثيوبي مهددًا مصر بغلق «حنفية» مياه النيل، وشمالا تغرق المحافظات الساحلية في مياه الأمطار والسيول، ولا تجد من يستفيد منها.


2017 عام الشح المائي
تتفاقم الأزمة مع صدور تقارير «رسمية» من مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء، تصف فيها «2017» بأنه عام الشح المائي، وتصل فيه مصر إلى مرحلة الفقر المائي، ويبلغ فيها نصيب الفرد 650 مترًا مكعبًا في السنة بدلًا من ألف متر.

400 مليار جنيه
أين تذهب مياه الأمطار والسيول؟.. غرقت الإسكندرية والبحيرة وسيناء ومطروح في برك مياه «عذبة» صالحة للزراعة على الأقل، وأعطاها المسئولون ظهورهم، بل الأسوأ من ذلك تسببها في سقوط قتلى وتعرية وزراء ومحافظين يسيطر العجز على تفكيرهم، قبل إصدار تصريح رسمي بأن خلق شبكة لتصريف مياه الأمطار والسيول يحتاج 400 مليار جنيه.

الاستفادة من المياه في إثيوبيا
في إثيوبيا تمثل الأمطار ركيزة أساسية للتنمية، فتعتمد على قضاء حاجاتها المائية من تلك المياه التي تمثل 95% من احتياجاتها، فيما تحتفظ بمياه النيل من أجل تخزينها وتوليد كهرباء، ولعل هذا ما يترجم عمل الحكومة الإثيوبية على قدم وساق للانتهاء من السد.

مخرات السيول
التعامل مع مياه الأمطار ليس أمرًا تعجيزيًا، بل دول سبقت مصر في التعامل معها عبر مخرات السيول أو السدود لتخزين المياه في خزانات كبيرة؛ لتصبح صالحة للاستفادة منها في كل الأغراض، وللمسئولين عبرة في «أوغندا» التي تستفيد من مياه الأمطار والسيول في زراعة 50% من أراضيها.

1.5 مليار متر مكعب حجم مياه الأمطار التي تستفيد منها مصر، وتحديدًا الأمطار التي تسقط فوق أراضي محافظات الدلتا مقابل 51 مليارًا تمثل حجم الأمطار السنوية التي تهبط على مصر، وفقا لحديث خبير المياه الدولي نادر نور الدين، وتضيع دون أي استفادة، ما دفع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «فاو»، لوضع علامة تعجب كبيرة أمام إهدار مصر لهذه الكميات المهولة من المياه - بحسب تقرير صادر عنها في عام 2014.

خريطة مياه الأمطار
خريطة مياه الأمطار في مصر فتتوزع بطول الساحل الشمالي الغربي من الإسكندرية وحتى مرسى مطروح، إضافة إلى المناطق الصحراوية ومحافظات الدلتا، وللاستفادة من تلك المياه يجب إنشاء مصايد للأمطار على طول الساحل من الإسكندرية وحتى مطروح، وتنفيذ ميول في الأراضي الصحراوية؛ لتصب في خندق عريض تحت الأرض مخصص لتخزين ما يقرب من 25 مليار متر مكعب سنويًا من مياه الأمطار، أما المياه التي يمكن الاستفادة منها في الساحل الشمالي الشرقي بمناطق رفح والعريش تقدر بـ15 مليار متر مكعب سنويًا.

الحديث الآن يتركز على إمكانية تخزين المياه في المناطق الصحراوية، عبر خنادق أسفل الجبل الذي تنحدر منه الأمطار، وتجميعها في خزانات تُسمى هرابات أو مصائد، إضافة إلى سدود ترابية رملية بشكل متقاطع ومتتالٍ؛ لحجز الأمطار وتخزينها خلف السدود؛ للاستفادة منها في موسم الجفاف، وهي سدود متواجدة في سيناء بشكل زجزاجي لكنها غير كافية، وفقًا لما أكده «الدكتور نادر نور الدين - خبير المياه الدولي».

الصعيد المنسي
أما الصعيد فهناك 5 محافظات، هي «أسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان»، جبالها مرتفعة، ما يزيد القدرات التدميرية للأمطار؛ بسبب اكتسابها سرعات زائدة لانحدارها من قمم هذه الجبال، وهنا تتم إقامة عدد من مخرات السيول تبدأ أسفل هذه الجبال، وفي الاتجاهات التي يأتي من السيل لتحمل هذه المياه إلى نهر النيل، عبر مواسير وخنادق مدفونة أسفل التربة.

«روشتة» التعامل مع السيول القوية التي تخرج عن مخراتها، تشمل مواجهتها مرحلة ثانية تتبنى إقامة عدد من السدود الترابية توجه هذه الكميات الهائلة من المياه إلى خارج القرى وزمامات الأراضي الزراعية حتى لا تدمرها، وهنا لا يزيد ارتفاع طول هذه السدود عن 5 أمتار.

على الأرض، نفذت مصر خطة من مرحلتين بتكلفة 750 مليون جنيه، كانت المرحلة الأولى منها في محافظات جنوب وشمال سيناء وسوهاج وأسيوط، بحسب الدكتور حسام مغازي وزير الري، مؤكدًا جاهزية الوزارة لمواجهة السيول، وتم استخدامها في بناء عدد من السدود في سيناء، أما حجم الاستفادة من مياه الأمطار - وفق التصريحات الرسمية - فبلغت حتى الآن 3 مليارات متر مكعب من المياه.

«الدكتور عمرو قيس - أستاذ إدارة الأزمات بالجامعة الأمريكية»، نصح بضرورة إنشاء وزارة للأزمات على غرار دول كثيرة تتعرض إلى ظواهر طبيعية مثل الإعصارات والزلازل، مشيرًا إلى أن الأمطار والسيول تحتاج إلى وجود إدارة بكل مكوناتها للتخطيط والمتابعة والصيانة.

إلا أن مصادر بوزارة التخطيط، أرجعت سبب أزمة السيول إلى تخفيض ميزانية هيئة الصرف الصحي مقابل مشروعات أخرى، ما أدى في النهاية إلى كارثة مياه الأمطار بالإسكندرية، مشيرة إلى أن ميزانية العام الجديد لهيئة الصرف الصحي وصلت إلى 4 مليارات جنيه.
الجريدة الرسمية