«السيسي» يزور مقر التنظيم الدولي للإخوان!!
زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى لندن هي أول زيارة لرئيس مصري إلى عاصمة الضباب منذ عام 2005، حينما زارها الرئيس الأسبق مبارك «ترانزيت».. كما تكتسب أهمية خاصة في أنها زيارة إلى البلد «الحاضنة للإرهابيين»، ولعل وعسى أن تأتي النتائج كما تشتهي السفن.
فبريطانيا منحت صكوك الغفران للمتطرفين، وتحولت إلى ملاذ آمن للمتشددين، وعقدت صفقات مع التنظيمات المسلحة أمثال «القاعدة»، و«الجهاد»، و«جند الله»، و«داعش»، وغيرهم من القتلة المأجورين.. وأوت الهاربين الناهبين أموال المصريين، واحتضنت الإرهابيين وعلى رأسهم التنظيم الدولي للإخوان بزعم أنهم جماعة معتدلة!
لقد شهد العقد الأخير تقاربًا بين بريطانيا والإخوان.. تجلى ذلك بوضوح بتغيير سياسة المملكة المتحدة تجاه هذا التنظيم، منذ عام 2006 بالخطاب الذي تحدث فيه «توني بلير»، رئيس الوزراء البريطاني آنذاك، عن ضرورة «تمكين الإسلام المعتدل من أسباب القوة»، مُرتئيًا أن «بقاء الهيمنة الغربية في العالم يعتمد جزئيًا على انتصار الإسلام المعتدل، الذي يعد حليفًا للغرب في وجه صعود الصين وروسيا وغيرهما من البلدان النامية».
منذ هذا التاريخ والاتصالات والتنسيقات بين الاستخبارات البريطانية والتنظيمات الإرهابية لا تنقطع، بل لا نبالغ حينما نقول إن اتفاقًا- غير مكتوب- عُقد بين الطرفين يتم بمقتضاه «استخدام هؤلاء كأداة لتأديب من تريد لندن تأديبه، مقابل توفير الأمن والحماية لهم، شريطة ألا يسفكوا دماء البريطانيين»!
وبحسب تقارير عديدة، فإن أكثر من ثلاثة آلاف من أخطر الإرهابيين يعيشون في لندن، ينعمون بخيراتها، يسكنون فنادقها وشققها الفاخرة، ويتنقلون في شوارعها بحرية تامة، دون أن يعترض أحد طريقهم، ولا أن يتم تسليمهم إلى حكومات بلادهم التي ارتكبوا فيها أعمال قتل وتفجير وتخريب!
إن هناك تقارير ودراسات تؤكد أن جماعة الإخوان «صنيعة بريطانية»، تمت زراعتها في منطقة الشرق الأوسط؛ لتفكيك الدول العربية، لصالح الاستعمار الغربي، وهو ما يفسر سر احتضان عاصمة الضباب لـ«مطاريد الإخوان»، الذين هربوا من مصر عقب ثورة «30 يونيو»، وتدخل بريطانيا الدائم للإفراج عن الرئيس المعزول محمد مرسي، وعدد من قيادات الجماعة المتورطين في قضايا قتل وعنف والتحريض عليه.
لقد شكل التنظيم الدولي للإخوان- ومقره في لندن- قوة لا يستهان بها، ولا يمكن لعاقل أن يقلل من خطورته وتأثيره العالمي.. فهذا التنظيم يمتلك، أو يسيطر على وسائل إعلام عالمية، قادرة على إيصال رسائلهم المعادية للنظام المصري إلى العالم أجمع.. ويسيطرون أيضًا على بعض المؤسسات ومراكز الأبحاث التي تنشر تقارير سلبية عن مصر.
كما أن الإخوان يوظفون مجموعة من المحامين الدوليين، على رأسهم «سير كين ماكدونالد»، المدعي العام البريطاني الأسبق؛ وينفقون عليهم بسخاء، لتحريك القضايا ضد النظام المصري، لدى المحكمة الجنائية الدولية، وهم الذين هددوا رئيس وزراء بريطانيا بتقديم طلب لمحاكمة «السيسي» والقبض عليه هو وأعضاء الوفد المرافق له..!
وبالإضافة إلى ما سبق، فلا يمكن التغافل عن نجاح «الإخوان»- أيًا كان المسمى الذي يتحركون به، «المجلس الثوري»، أو «الحركة الشعبية»- في تجنيد، أو استمالة، أو التأثير على 44 عضوًا في مجلس العموم البريطاني (البرلمان) ليقدموا طلبًا إلى الحكومة بإلغاء زيارة السيسي إلى بلادهم.. بل إن صوت المعارضة كان أقوى في دفع الحكومة البريطانية إلى اتخاذ قرار بتعليق الرحلات الجوية إلى مصر، بعد حادث الطائرة الروسية، مستبقةً نتائج التحقيقات.
وهنا لا ينبغي التعامي عن هذا العدد، والتحقير من شأن الرافضين للزيارة، مقابل ترحيب أكثر من 600 عضو بزيارة الرئيس إلى الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.. بل يجب على الرئيس والحكومة اتخاذ العديد من الإجراءات والتدابير والإصلاحات في شتى المجالات، لنتمكن من جذب المعارضة إلى صفوفنا، أو على الأقل تحييدهم تجاهنا.
إن زيارة الرئيس السيسي ليست إلى لندن فقط، بل من الممكن اعتبارها زيارة إلى «مكتب الإرشاد»، أو مقر «التنظيم الدولي للإخوان»، وهي زيارة المنتصر، المُؤيَّد شعبيًا إلى المنكسر المهزوم المغلوب على أمره.. ولو نجحت هذه الزيارة كما ينبغي، فهذا معناه تضييق الخناق على التنظيم الإرهابي، وتسديد لطمة قوية له في عقر داره، والقضاء عليه بالسكتة الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية والإصلاحية!