«خلي بالك» جوائز وعلماء
قد يتهمني البعض بالنفاق بعد قراءة هذه المقالة؛ لقابلية الناس لتصديق كل ما هو سيء وفاسد، والنظر بالريبة لكل من يحاول إظهار الجوانب المشرقة من الأشياء، واتهامه بالرياء، فأنا أظهر الجوانب المظلمة لا لشيء إلا لمحاولة استنارتها، وإزاحة الظل الحالك السواد الذي يخبئ تحت ظلاله كل شيء عظيم.
اعتقد البعض بعد نشر مقالتي السابقة "مافيا العلاقات الزراعية الخارجية"، أنني أحاول تلوين المشهد السياسي باللون الأسود الغامق، بنشر ملفات فساد أو تعرية الفاسدين، محاولًا إظهار الصورة مشوهة، وخنق الأمل عند المواطن.
والله ما كتبت وأدخلت نفسي في عراك وخصومات مع البعض، إلا لإظهار النوابغ من شبابنا وعلمائنا، وإتاحة الفرصة لكل مبدع أن يبدع من أجل مصر.
وكما نظهر الجوانب السوداء من المشهد، وجب علينا إسقاط الضوء على الجوانب المُضيئة أيضًا من هذا المشهد، فقد جمعتني الصدفة بعلماء وأساتذة عظماء من كليات الزراعة ومركز البحوث الزراعية داخل وزارة الزراعة، وكل المعاهد التابعة لمركز البحوث الزراعية، كل حسب تخصصه، يتكبدون المشاق والجهد والعرق، والله لا من أجل شيء إلا من أجل محاربة الفساد والغش، ورقي هذا الوطن العريق، الذي للأسف هان على البعض منا، محاولين هدمه بالتحقير والنظر إلى الجوانب الفاسدة، التي لا تخلو بلد على وجه هذه الأرض منها، والفساد موجود حتى في أعظم الدول رقيا، ولكننا في دول العالم الثالث - كما يطلقون علينا - نشارك في تعظيم البقع السوداء في الثوب الناصع البياض.
فكنت أعتقد من قبل أنني الوحيد المهموم بالغذاء الآمن للمصريين، ولكنني بعدما رأيت وتحدثت مع أساتذتي العظماء الأستاذ الدكتور محمد إبراهيم عبد المجيد رئيس لجنة المبيدات بوزارة الزراعة وأستاذ المبيدات بكلية الزراعة جامعة عين شمس، ونائبه الأستاذ الدكتور يحيى عبد الحميد إبراهيم، والأستاذ الدكتور مصطفى عبد الستار حماد، والأستاذ الدكتور مرتضى عيسى مدير معهد بحوث وقاية النباتات، وعرفت الجهود المبذولة في محاربة الغش في تجارة المبيدات ومحاربة تهريب المبيدات المسرطنة، والكم الهائل من الحقول الإرشادية التي يقومون بها لتوعية المزارعين، اطمأن قلبي على مستقبل مصر، وكذلك عندما قابلت الأستاذ الدكتور سعيد عبد الله وتحدثت معه عن مشروع الغذاء الآمن الذي تبنيته بمفردي من خمسة عشر عامًا، ففاجأني بأن سيادته ومعه كل من ذكرتهم من الأساتذة الأفاضل السابقين يقودن حملة تسمى "خلي بالك"؛ لمحاربة الفساد في غش المبيدات ومنع ومحاربة تجارة المبيدات المهربة المسرطنة، وتوعية المزارعين على مستوى قارة أفريقيا، فاحمر وجهي خجلًا؛ لأنني لم أَسِر في ركابهم منذ بداية الحملة؛ لجهلي بها بالطبع، ولكن ما يشرفني ويسعدني أنني بالطبع جزء من هذه المنظومة العظيمة، التي لم يقلل من عظمتها فساد فرد أو مجموعة مهما كانت.
ويجب أن ألقي الضوء على واحد من العلماء أيضًا، يشرفني انتماؤه لمعهد بحوث وقاية النباتات، وهو الأستاذ الدكتور شعبان عبد ربه، وكيل معهد بحوث وقاية النباتات للبحوث، الذي تنتشر أبحاثه في جميع أنحاء العالم، يستفيدون بها وهو للأسف خارج الأضواء في بلده مصر، وكذلك وجب علينا تكريمه بإلقاء الضوء على مجهوداته العظيمة في عمل الدورات التدريبية، وإثارة حاسة النشاط لدى كل علماء المعهد، الذي استطاع أن يثير حماسهم للبحث العلمي من خلال مشروع الجوائز البحثية لأحسن بحث علمي، وإلقائه الضوء على شباب العلماء وإبداعاتهم وتكريمهم بجوائز وشهادات لأحسن بحث وأحسن باحث.
ورأيت لأول مرة بريق أعين الباحثين حماسًا، والثقة بالنفس، التي أظهروها عند استلامهم لجوائزهم عن أبحاثهم العظيمة، ورأيت وقد زاد حماسهم لإنتاج مزيد من البحوث الراقية التطبيقية، وحصد الجوائز، وهذه أول طريق رقي وتقدم الدول العظمى.
فشكرًا للأستاذ الدكتور شعبان عبد ربه، العالم العظيم، وفخر معهد بحوث وقاية النباتات.. فإلى الأمام يا مصرنا الحبيبة وفقك الله ورعاك.