رئيس التحرير
عصام كامل

مطلوب من هذه الحكومة !


على حكومة المهندس شريف إسماعيل أن تضاعف جهودها، وأن تفتح عينيها على حركة الشارع وما يتفاعل تحت السطح، وأن تأخذ بالجدية نتائج الدراسات الاجتماعية وتحذيراتها.. والتي تربط الجريمة بزيادة معدلات الفقر والبطالة والعنف والبلطجة والعشوائية والزحام والتكدس السكاني، وما تجره تلك الظواهر السلبية من مخاطر تهدد المجتمع كله.


لم يعد التعتيم والتسويف والتهرب من المسئولية يجدي في عصر لا يخفى فيه شيء، ويتناقل الناس المعلومات وحتى الشائعات بسرعة مذهلة عبر الفضاء الإلكتروني؛ ومن ثم لم يعد مقنعًا إلا الإنجاز والشفافية، خصوصًا في ملفات الصحة والتعليم والاستثمار والسياحة والتشغيل، وتقديم ردود شافية مقنعة على أسئلة ملتبسة زادها غموضًا وقلقًا مواقف قيادات حزبية وسياسية مسئولة.

الشعب المصري أثبت دومًا وعيه وصدق رؤيته خصوصًا في المحن والأزمات الكبرى، ومصر زاخرة بالكفاءات التي لن تبخل عن مد يد العون لبلدها في ساعة الشدة: بصرف النظر عن انتماءاتها ومشاربها الأيديولوجية والسياسية، هي فقط تحتاج لدعوة صادقة وإمكانيات لازمة واستقلالية لتحقيق النجاح ثم تقييمها بموضوعية.. ولنا مثلًا في تجربة مهاتير محمد في أندونيسيا ولولا دي سيلفا في البرازيل نماذج تحتذي.. وكيف بدأت تجاربهما الناجحة بإنعاش التعليم أولًا والانطلاق منه للملفات الأخرى، وكانت بلادهما يومًا في مثل ظروفنا وربما أقل منا وهو ما ينبغي دراسته جيدًا واستلهام نجاحه.

ما نحتاجه الآن بشدة هو إعادة النظر في مسألة العدالة الاجتماعية، لإحراز النجاح وزيادة الإنتاج والتصدير وجلب العملة الصعبة، وكبح جماح الأسعار وتطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور على الجميع، ومراعاة التفاوت الرهيب بين الأجور والأسعار والإنتاج، ورعاية الفئات الأولى بالرعاية بتوصيل الدعم المستحق إليها، وإعادة النظر في ملف الاستيراد ومنع دخول السلع الاستفزازية.. فكيف نستورد ثلثي غذائنا من الخارج ثم نتحدث عن الأمن القومي؟!

المعالجات الجزئية للأزمات لا تنفع، وعلينا جمع عقلاء مصر في الداخل والخارج لوضع روشتة إنقاذ للاقتصاد والتعليم والصحة والبطالة.. العلم وحده قادر على انتشالنا.. المصارحة مطلوبة ولا عودة للروح إلا بإشراك الشعب في المسئوليات.. وتبقى أولويات عاجلة مثل فتح المصانع المغلقة والتوسع في المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والدفع باتجاه برنامج تصنيعي ضخم للنهوض بمصر، ووضعها في مكانها ومكانتها اللائقة.

مطلوب إقناع الناس بأنه لا عودة للوراء، وأن الإرادة السياسية متوفرة وصادقة.. بقي أن تدرك الحكومة أولوياتها وأن نصبر عليها بشرط أن تكون جادة وفاعلة وحريصة على مصارحة الرأي العام بما عليها أن تفعله.

الجريدة الرسمية