دموع الهلباوي.. وصراخ لميس
في الانتخابات البرلمانية التي أجريت شتاء 2011، كنا نستعد في أحد الاستوديوهات بمدينة الإنتاج الإعلامي للتغطية المباشرة لهذا الحدث.. وبمجرد نقل الصور الحية من أمام اللجان على مستوى المدن والقرى انتابتنا جميعا حالة من الذهول أمام حجم الطوابير الحاشدة التي اصطفت لمسافات طويلة قبل بدء موعد الاقتراع.. ولم يكسر ذهولنا سوى بكاء المفكر المعروف كمال الهلباوي، ضيف الفقرة الأولى في التغطية.. ولم يتمالك فريق الإعداد نفسه أمام دموع الرجل الذي كان يوما متحدثا باسم جماعة الإخوان المسلمين في الغرب، واستقال منها يوم 31 مارس 2012، على خلفية تراجعها عن وعودها التي قطعتها الجماعة على نفسها، وترشيحها خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية.. فانفجر الجميع في البكاء تأثرا بهذا المشهد الذي لم نألفه من قبل.
شاهدت الإحساس المرهف وفرط الحب لمصر في دموع الهلباوي.. واحتبس صوته على الهواء أكثر من مرة وهو يصف مشهد الفقراء والأغنياء.. الصغار والكبار الذين يصطفون للتصويت رغم الأمطار والبرد القارس.. لكن الحلم والأمل يبعث في أجسادهم وأرواحهم بدفء الثورة والتغيير والحرية والكرامة والعدالة.. وما أعظمها مشاعر..
الأمل هو الذي يدفع المواطن إلى النزول من بيته أو عمله والتوجه للتصويت في الانتخابات مهما كانت الصعوبات والمعوقات.. ولذلك يسعى بكامل إرادته للمشاركة في التصويت باعتباره ترجمة عملية للحلم الكبير الذي يراوده.
ولم يحتشد الشعب أمام اللجان بعد ثورة 25 يناير في عدة استحقاقات انتخابية، بفضل أغاني تسلم الأيادي وبشرة خير.. ولا صراخ وعويل لميس وخيري وأحمد موسى.. ولا فزاعات سامح سيف اليزل وبكري ومظهر شاهين.. لم يدفعهم للاحتشاد سوى الأمل.. والأمل وحده.
وعندما فقد الناس هذا الأمل غابوا عن انتخابات 2015، وفشلت كل وسائل الحشد والتفزيع.. وحتما ستفشل لو تكررت مئات المرات؛ لأن المشهد السياسي يرجع بنا للوراء، ويقتل كل يوم أي أمل في التغيير وتحقيق أهداف ثورة يناير.
مشهد عزوف الناس عن انتخابات مجلس النواب بمثابة رسالة جديدة، تحمل في طياتها غضبا مما يحدث وحالة عدم رضا تجاه الحالة السياسية والاقتصادية خلال الفترة الأخيرة، وفقدان الأمل في أي تحسن قريب بل إحساس بأن القادم ليس على ما يرام..
ويبدو أن دموع الهلباوي ستتكرر، ولكن ليس فرحا بالتغيير للأفضل، ولكن حزنا على ما يجرى.. ولن يتوقف صراخ لميس؛ لأنه جزء من مشهد عبثي يعكس ما وصل إليه الإعلام!