رئيس التحرير
عصام كامل

الوجه الذي لا تعرفه للشاعر الثائر نجيب سرور «بروفايل»

نجيب سرور
نجيب سرور

«ذهبنـا إليه فلما وصلنا أردت الدخول فمد الخفــير يدًا من حـديد، وألصقني عند باب الرواق وقفت أزف أبي بالنظر، فألقـى السلام ولم يأخذ الجالسـون السلام! رأيت أأنسى ؟! رأيت الإله يقوم فيخلع ذاك الحـذاء وينهال كالسـيل فوق أبي أهــذا أبي؟!!».


بهذه الأبيات وصف نجيب سرور الموقف الذي تعرض له في طفولته، عندما رأي عمدة القرية «الذي وصفه بالإله» يضرب والده بالحذاء.

وكان هذا الموقف بمثابة البذرة الثورية بداخل «سرور» المولود عام 1932 في قرية إخطاب، مركز أجا، محافظة الدقهلية، وظلت هذه البذرة تترعرع بداخله حتى تأثر بالأحداث التي مرت بحياته، وصاغها بشكل فني.

والكثير منا لايذكر لنجيب سرور، سوي أنه الشاعر الثوري سليط اللسان، الذي ألف ديوانًا يحمل عنوانًا إباحيًا، ولكن الحقيقة غير ذلك.

وفي ذكري وفاته في مثل هذا اليوم من عام 1978، نلقي الضوء على الجانب الذي يجهله الكثيرون في حياة «نجيب سرور».

سرور الكاتب والمخرج المسرحي
بعد أن رأي سرور الظلم منذ طفولته، ورأي الإقطاعيين يتحكمون في مصائر الفقراء، تهيأ سرور للنضال، ولإدراكه أهمية عالم المسرح في النضال من أجل تحقيق الحرية والعدل، ترك دراسته الجامعية في كلية الحقوق قبل التخرج بقليل، والتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وحصل منه على الدبلوم في عام 1956.

سافر سرور في بعثة إلى الاتحاد السوفيتي، ومع عودته إلى مصر عام 1964 بدأت حياته الفنية والأدبية والسياسية التي استمرت قرابة الأربعة عشر عامًا حتى وفاته، وكتب وقدم المسرحيات والنصوص الدرامية، استهلها في عام 1965 بعمل مسرحي من إخراج كرم مطاوع بعنوان «ياسين وبهية».

ثم كتب مسرحية «يا بهية وخبريني» عام 1967، بإخراج كرم مطاوع، ثم «آلو يا مصر» وهي مسرحية نثرية، كتبت في القاهرة عام 1968 و«ميرامار» وهي دراما نثرية مقتبسة عن رواية نجيب محفوظ المعروفة من إخراجه عام 1968.

استمر تألق نجم نجيب سرور مع هذه الأعمال التي نشرت معظمها في كتب، وفي عام 1969 قدم نجيب سرور من تأليفه وإخراجه المسرحية النثرية «الكلمات المتقاطعة» التي تحولت فيما بعد إلى عمل تليفزيوني أخرجه جلال الشرقاوي ثم أعاد إخراجها للمسرح شاكر عبد اللطيف بعد عشر سنوات واستمر تألق هذا العمل الفني حتى عام 1996.

وفي عام 1969 قدم المسرحية النثرية «الحكم قبل المداولة»، وحققها ونشرها كاملة الباحث محمد السيد عيد، وكتب المسرحية النثرية «البيرق الأبيض» وفي عام 1970 قدم «ملك الشحاتين» وهي كوميديا غنائية مقتبسة عن أوبرا «القروش الثلاثة» لبرشت و«الشحاذ» لجون جاي من إخراج جلال الشرقاوي.

سرور الممثل
وطبقًا لرواية نجيب سرور «فارس آخر زمن»، وهى رواية غير منشورة تجسد السيرة الذاتية لنجيب سرور، في مدرستة الثانوية اشترك نجيب لأول مرة في تمثيل مسرحية «أصدقاء السوء»، وفي كلية الحقوق التي اختارها له والده انضم نجيب إلى فريق التمثيل، واشترك مع زميله كرم مطاوع في تمثيل مسرحية «نهر الجنون»، لتوفيق الحكيم من إخراج سعد أردش الطالب آنذاك.

وبدأت اهتمامات نجيب تزداد بالتمثيل، فالتحق مع كرم مطاوع، في عام واحد، بالمعهد العالي للفنون المسرحية مع كلية الحقوق، بيد أن نجيب لم يلبث أن ترك دراسة الحقوق في السنة النهائية ليتفرغ للمعهد.

ولكم أغضب ذلك الأب، الذي لم يلبث أن غفر لابنه فعلته تلك بعد أن عرف أن هناك نية لإيفاد بعثات إلى الخارج، وإلى روسيا بالذات، فقد كانت طرق البعثات إلى لندن وباريس مغلقة عقب حرب 1956.

سرور الناقد
ويجهل الكثيرون أيضًا، أن نجيب سرور كان ناقدًا فنيًا، حيث قدم النقد للعديد من الأعمال الفنية والروائية، ومن أشهر الأمثله على ذلك، دراسته التي نشرت في «مجلة الثقافة الوطنية اللبنانية» عام 1959 بعنوان «رحلة في ثلاثية نجيب محفوظ».
الجريدة الرسمية