رئيس التحرير
عصام كامل

أهمية الذهاب للصناديق!


كانت الانتخابات فيما مضى من عهود موسمًا للتنازلات، كإعفاء المزارعين من الغرامات، أو إسقاط ديون المتعثرين منهم أو غض الطرف عن جريمة البناء على الأراضي الزراعية، وغيرها من الرشاوى التي كانت الحكومة تقدمها للأسف، رغم قدرتها الهائلة على التزوير.


كانت المعارضة في المقابل لا تمتلك إلا التشكيك والطعن والهجوم على سياسات الحكومة، وكانت تعقد معها صفقات سرية محرمة، مثلما فعلت جماعة الإخوان.. والسؤال هل بقي شيء من هذا الميراث سيئ السمعة أم أن المشهد تغير جذريًا.. وهنا أترك الإجابة للمواطنين والحكومة معًا!!

يقيني أن مصر تغيرت رغم وجود رشاوى انتخابية تحت مسميات وأنماط جديدة.. ولم يعد في مقدور أحد أن يعيدنا للماضي أو يبعث الماضي من قبره، فلا الشعب يقبل بمعسول الكلام أو الترغيب والترهيب، ولا الظروف الراهنة تسمح بمثل هذه المهاترات.

ونرجو أن تعبر الانتخابات البرلمانية الحالية عن إرادة حقيقية للناس، وتعكس صدق اختياراتهم بعد التحري والتثبت من صدق نوايا وحقيقة المرشحين بطول مصر وعرضها.. وعلى المجتمع المدني أن يكثف جهوده للتوعية، وتحسين اختيارات الناخبين، وعلى الإعلام المسئولية الأعظم في ذلك، وعلى"العليا للانتخابات" الحسم في مواجهة المخالفات، وتتبع الخروقات؛ حتى تغلق الباب أمام الطعون وحملات التشكيك التي بدأت من جانب الجماعة الإرهابية وحلفائها هنا وهناك.. وعلى الأحزاب والقوى السياسية أن تدرك حجم مسئوليتها، وتصارح نفسها بوزنها الحقيقي في الشارع، فربما تخلصت طواعية من هذا السيل الهائل من الأحزاب الكرتونية، واندمجت في حزبين أو ثلاثة كبار، مثلما هو الحال في أعتى الدول ديمقراطية.. وهذا بلا شك مرهون بالذهاب للصناديق والحرص على التصويت حتى يتحدد مستقبل مصر على أساس واقعي، وبإرادة وطنية خالصة، لا برأسمال ولا أجندات الخارج، وحتى نفوت الفرصة على فصيل سياسي أن يهيمن على الحياة السياسية دون غيره.

الإصرار على الخروج الكبير للمصريين للتصويت في الانتخابات، هو الضمانة الحقيقية للاستقرار والديمقراطية والنزاهة، وعودة الإنتاج وتدفق الاستثمارات ووقف نزيف الاقتصاد والفوضى.

اخرجوا أيها المصريون؛ للعبور بمصر من عنق الزجاجة، فالامتناع عن التصويت سلبية لا تليق بمصر الثورة، واستسلام مرفوض لمرددي دعاوى الإحباط، وهذا سلوك لا يخلق أملًا في المستقبل.. كما أنه لن يغير من الواقع المرتبك شيئًا، بل يزيده تعقيدًا وتراجعًا.

اختيارك الصحيح لنائب البرلمان هو وحده القادر على إصلاح ما نعانيه من مشاكل، وخلق مجتمع أكثر تقدمًا، ويمنع دخول تجار الدين وصانعي التطرف والإرهاب.. وفلول الفاسدين وسارقي أموال الشعب والباحثين عن الحصانة ونهب المال العام.

ليتنا نتعلم من أخطائنا حين تقاعسنا عن المشاركة في اختيار مجلس الشورى 2012، وكانت النتيجة المرة سيطرة المتأسلمين عليه، وهم للأسف من وضع دستور 2012 الإخواني، وحين امتنع كثير منا عن الذهاب لانتخابات 2010، جرى تزويرها وكان ما كان.

لا بديل عن التمسك بحقنا وأداء واجبنا في اختيار نواب البرلمان القادم؛ حتى لا تطل علينا أشباح الماضي وسوءاته، ونندم ولا ينفع الندم.
الجريدة الرسمية