رئيس التحرير
عصام كامل

الإرهاب يسيطر على ليبيا بالذكرى الرابعة لرحيل القذافي.. اشتداد الصراع بين الميليشيات المتحاربة.. مخاوف من تقسيم البلاد.. تدمير البنية التحتية ومؤسسات الدولة.. واتجاه لتصعيد الأزمة بعد اقتراع برنارديو

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

تعيش ليبيا منذ 4 أعوام في الفوضى وانتشار التنظيمات الإرهابية والأسلحة وتوقف إنتاج النفط وسرقة موارد البلاد، خاصة مع حلول الذكرى الرابعة لوفاة العقيد معمر القذافي.


ووسط الأزمات التي تمر بها الجماهيرية الليبية من انقسامات في الحكم وتعاقب حكومات يأتي الجمهور الليبي ليظهر اشتياقه لأيام العقيد القذافي على الرغم من خروج الملايين ضده في فبراير 2011، إلا أن الفوضي الخلاقه والانشقاقات التي تعيشها الدولة جعلت الكثير يريد العودة لما قبل ثورات الربيع العربي.

فبدلا من التحكم بمقدرات البلاد الغنية، وتوظيف الاستثمارات لجعل ليبيا قبلة للسياح، وتشجيع الشركات على الاستثمار، اكتست الشواطئ بلون الدماء جراء جرائم "تنظيم داعش" الإرهابي، وأصبحت معبرًا لقوارب الموت باتجاه القارة العجوز.

توقف الإنتاج
وبحسب وكالة "روسيا اليوم" الإخبارية التي أعدت تقريرًا بمناسبة مرور 4 أعوام على رحيل القذافي أكدت أنه مع انعدام الأمن وسيطرة فوضى السلاح لاقتسام النفوذ بين الميليشيات المتحاربة توقف إنتاج النفط وتصديره أكثر من مرة، وتوقفت عجلة الإنتاج في معظم المرافق، وباتت البلاد مهددة بشبح التقسيم بين الشرق والغرب، والساحل والجنوب.

وأشارت إلى أن القذافي حكم الجماهيرية الليبية طوال 42 عامًا، حتى استهدفته الطائرات الغربية وأوقعته جريحًا ليكتمل مشهد سحله وتعذيبه، وتبعها إطلاق نار من مسدس أنهى حياة "القائد الليبي في الساعة الثانية العاشرة والثلاثين دقيقة في يوم 20 من أكتوبر".

حكم القذافي
وأكدت الوكالة أنه رغم قسوة حكم القذافي والمرارة من عدم تطور البلاد في عهده رغم إمكاناتها الهائلة، فإن كثيرًا من الليبيين الآن يتوقون إلى حكم العقيد في ظل الأمن والسكينة التي رافقت هذه الحقبة، ويخشون تحول بلدهم إلى السيناريو الصومالي أو العراقي أو الأفغاني، بعد أن أنهكت الفوضى الليبيين، وباتت تهدد حياتهم ومستقبلهم.

وأشارت الوكالة إلى اشتداد الصراعات الجهوية والأيديولوجية والقبلية لتصبح أشد وطأة على الليبيين من القبضة الأمنية للقذافي، ما دفع كثيرين للترحم على النظام السابق لأن البديل، حتى الآن، هو سيطرة الفوضى وانعدام النظام في الوقت الحالي.

تدمير البنية التحتية
ونوهت الوكالة إلى أنه مع اشتداد القتال تدمرت البنى التحتية الأساسية في طرابلس وبنغازي ومعظم مدن الساحل، في بدولة يحكمها برلمانان وحكومتان.

وأكدت أن هناك الصراعات بين بقايا الجيش والميليشيات التي نمت كالعشب بعد المطر في الصحراء، بعضها نشأ على أساس أيديولوجي وبعضها على أساس جهوي، وجميعها تحارب لفرض سيطرتها.

وأشارت إلى أن الجنوب ليس أفضل حالا فهو مسرح لاشتباكات قبلية من أجل السيطرة على التهريب في الصحراء، وتصفية حسابات قديمة من أيام الحكم السابق.

التدخل الأوروبي

وأضافت الوكالة أنه يسود شعور في أوساط الليبيين أن الدول الغربية خذلتهم، ولم تلتزم بالوعود المقطوعة لمساعدة الليبيين في إعادة بناء بلادهم، أو حتى وقف تدميرها، والحد من الانتهاكات الخطيرة التي تقوم بها ميليشيات تتسلح من الخارج دون رقيب، ولم تقم بالجهد المطلوب من أجل دعم حكومة مركزية تستطيع فرض النظام، وتبدأ في تطهير البلاد من فوضى السلاح، والشروع في إعادة بناء ما دمرته الحروب المتواصلة منذ منتصف عام 2011.

وأكدت "روسيا اليوم" أن سياسات القذافي الداخلية وطريقة حكمه شكلت تربة خصبة للتوترات الاجتماعية، والاحتجاجات التي انطلقت في فبراير 2011، لكن سياساته الخارجية تتحمل الجزء الأكبر لتفسير التدخل العسكري الأجنبي، الأمر الذي شكل أول خروج عن مسار الربيع العربي السلمي، وهو ما ساعد على ازدهار مبدأ الحروب بالوكالة على أراضٍ عريبة من أجل مكاسب سياسية، ومنع قطار الربيع العربي من الانتقال إلى أماكن أخرى تعيش ظروفًا لا تختلف كثيرا عن ليبيا في زمن القذافي.

وبعد أربع سنوات على رحيل القذافي يبقى التحدي الأهم هو المحافظة على بنيان الدولة وطي صفحة الانتقام والتقسيم بين مؤيدين سابقين للقذافي ومعارضين له، وبين القبائل والمناطق الجهوية، وقبل هذا كله وضع حد لفوضى السلاح.

تصعيد الأزمة
وأشارت الوكالة إلى أن الأزمة الليبية تتجه نحو مزيد من التصعيد والتعقيد بعد إعلان المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون الذي يرعى الحوار بين الفرقاء في البلاد، عن تشكيلة حكومة وفاق لاقت انتقادًا داخليًا واسعًا، ما دفع بعض الأطراف في شرق البلاد إلى التلويح بالدعوة إلى تقسيم ليبيا في حال عدم إنصافهم وعدم الاستجابة لمطالبهم.

ولا يبدو مجلس الأمن قادرًا على طرح رؤية لحل سياسي يمكن تنفيذه، فالمجلس اكتفى ببيان دون "أسنان" يلوح بفرض عقوبات على "أولئك الذين يهددون سلام ليبيا واستقرارها وأمنها ومن يقومون بتهديد الاستكمال الناجح لعملية الانتقال السياسي"، وحتى استكمال عملية الانتقال السياسي وإعادة بناء المؤسسات في ليبيا فإن كثيرين سوف "يترحمون" على نظام القذافي.
الجريدة الرسمية