رئيس التحرير
عصام كامل

فضيحة التصويت في انتخابات «النواب»!!


لن تزيد نسبة المشاركة في انتخابات مجلس النواب - في أحسن الحالات - عن 15% من إجمالي الذين يحق لهم الإدلاء بأصواتهم، المقدر عددهم بـ55 مليون ناخب.


ما سبق ليس ضربًا للودع، ولا فتحًا للمندل.. لكنه توقع مبنيٌّ على جملة أسباب، أراها ساهمت وتساهم - بشكل كبير - في الإحجام عن المشاركة:-

أولًا: تقييم الناخب للمرشح.. فـ«المُصوِّتون» - إلا قليلًا - لا يشغلون بالهم بـ«المُصوَّت له»، ولا يعنيهم مَنْ هو، وماذا يعمل، وما تاريخه، وما مصدر ثروته، وما خلفيته السياسية، وثقافته البرلمانية؟.. بل لا أبالغ حينما أقول إن كثيرا من الناخبين باتوا يحكمون على المرشح بناء على: هل هو مؤيد لثورة 25 يناير أم معارض لها؟.. مع «30 يونيو» أم ضدها؟.. مؤيد للسيسي أم معارض له؟

ثانيًا: رغم تأكيد الرئيس أنه ليس محسوبًا على أحد إلا على الشعب، إلا أن التلميح البارز حينًا، والمستتر أحيانًا، بأن قائمة «في حب مصر»، مدعومة من السيسي، وستكون ظهيرًا سياسيًا له، رسّخ في أذهان البعض أن نتيجة الانتخابات «محسومة» لصالح هذه القائمة، تمامًا كما الحال بالنسبة للحزب الوطني المنحل، مع فارق التشبيه.

ثالثًا: تبادل الاتهامات «العشوائية» بين المرشحين، دون بينةٍ أو برهان.. «فاسد، خائن، فلولي، إخواني..».. ولم تتوقف سهام التشويه عند الاتهامات السياسية، بل امتدت إلى أمور أخلاقية، والخوض في الأعراض.. ما جعل كثيرا من الناخبين يحسمون أمر مشاركتهم بـ«الإحجام»، معتبرين أن لا أحد يصلح لتمثيلهم في مجلس النواب.

رابعًا: كثير من المرشحين، والأحزاب المتنافسة استخدموا منابرهم الإعلامية ليس لتنوير الناخبين، أو لعرض برامجهم الانتخابية، بل لـ«النبش» في الدفاتر القديمة للخصوم؛ بغرض تصفيتهم سياسيًا، وفضحهم شعبيًا، مستخدمين ألفاظًا وعبارات لا يعاقب عليها القانون «يُقال، يُشاع، يتردد، تداول نشطاء..». وقطعًا، ليس كل المشاهدين «فقهاء قانون»؛ ليدركوا الفارق بين «مستندات التورط، وحيثيات الإدانة»، وبين «الأقوال المرسلة، ومؤشرات الاتهام» التي قد لا تثبت صحتها.

خامسًا: مناظرات المرشحين في وسائل الإعلام - خاصة المرئي - كشفت عن «الخواء السياسي»، و«الفراغ الثقافي» لبعضهم، و«استرزاق» بعض منهم في هذا الموسم، وظهور طائفة تمالئ الرئيس بشكل فج، معلنةً عن وجوه جديدة في «النفعية والنفاق»، في محاولة لإعادة الجهل القديم، المتمثل في «دولة الفرد».. ما أصاب الناخب بحالة «فقدان ثقة» في كثير من المرشحين، وطبق مقولة: «السيئة بتعم»!

سادسًا: ترويج بعض «المنتفعين، والوصوليين، والمطبلين..» لفكرة «الأمور ماشية كويس من غير برلمان»، أصاب كثيرا من الناخبين بـ«الإحباط»، فما دام الأمر كذلك، فلماذا يذهب لانتخاب مجلس «ملوش لزمة»!

سابعًا: التلميح أو التصريح الدائم بأن البرلمان القادم سيكون «بعبعًا» للرئيس، وسيعوقه ويعرقله، ربما يجعل بعض الناخبين - خاصة المتعصبين لـ«السيسي» - يتخذون موقفًا معاديًا من الانتخابات، إما بالإحجام عن المشاركة، أو إبطال أصواتهم.

ثامنًا: إحجام «الإخوان والموالين لهم» عن المشاركة في الانتخابات، وانقسام السلفيين بين «مقاطع أو مشارك»، وحالة «البيات الشتوي» لكثير من القوى الثورية، لا شك أنه سيؤثر على عملية التصويت، ولن يتجاوز عدد الراغبين في التصويت 8 ملايين من إجمالي الناخبين.

تاسعًا: عدد لا يستهان به من الناخبين من طلبة المدارس والجامعات، وأعتقد أن غالبية هؤلاء سيفضلون «المذاكرة»، أو «تظبيط المزز» على المشاركة في الانتخابات!

عاشرًا: آلية وطريقة اختيار الناخبين للمرشح، وحيرته في الجمع بين «النظام الفردي والقوائم»، ربما تجعل أناسًا يحافظون على جهلهم بالمكوث في المنزل، أو يغامرون وينزلون للمشاركة، ويمنحوننا أصواتًا باطلة، أكثر من تلك التي تفوقت على أصوات حمدين صباحي في الانتخابات الرئاسية!
الجريدة الرسمية